الأحد، 1 أغسطس 2010

الغريب في داره غريب في وطنه .. غرباء داخل جدران أربعة


غرباء داخل جدران أربعة
الغريب في داره غريب في وطنه

تحقيق : عـزت السـعدني

كم هو مؤلم‏..‏ كما قال لي طالب عمره يقترب من العشرين‏..‏ أن تجد نفسك غريبا في بيتك‏!‏

وعندما قلت له‏:‏ المؤلم أكثر أن تجد نفسك غريبا في وطنك‏,‏ لا أحد يفهمك‏..‏ لا أحد يسمعك‏..‏ لا أحد يريد أن يفهمك‏..‏ لا أحد يريد أن يسمعك كأنك تؤذن في مالطة‏.‏

قال بانفعال‏:‏ ياسيدي‏..‏ الغريب في داره غريب في وطنه‏..‏ نحن أبناء هذا الجيل ينطبق علينا تماما المثل الشعبي نؤذن في مالطة‏!‏
أسأله‏:‏ إزاي؟
قال‏:‏ نحن أربعة أخوة وأخوات‏..‏ أبونا رجل ميسور الحال جدا يتنقل بين عواصم العالم لمتابعة حركة تجارته وأعماله الواسعة‏..‏ ولا نكاد نراه إلا مرتين كل عام في العيد الصغير والعيد الكبير‏..‏ وكل واحد فينا لديه عربية آخر موديل‏,‏ ودخل شهري محترم‏,‏ لكن كل واحد كأنه يعيش لوحده في هذه الدنيا‏,‏ يفعل ما يروق له دون أن يحاسبه أحد‏..‏ والحمد لله نحن حتي الآن ناجحون في مدارسنا وجامعاتنا‏..‏ يعني أقعد في البيت‏..‏ أبات مرة عند أصحابي‏..‏ أسافر الغردقة‏,‏ أو حتي باريس‏..‏ أروح أرجع مافيش حد بيقوللي انت بتعمل إيه‏..‏

أسأله‏:‏ وإخواتك البنات الشيء نفسه؟
قال‏:‏ أيوه‏..‏ لأن ماما أسبور قوي وسيدة مجتمع وعندها صداقات كثيرة وعندها أعمالها برضه هي اللي بتديرها وبتحقق لها ربح كبير قوي‏..‏
قلت‏:‏ طيب مافيش مشكلة هنا‏!‏
قال‏:‏ لا‏..‏ فيه‏..‏ كأني عايش في الدنيا دي لوحدي‏..
‏قلت‏:‏ موش عندك أصحابك وصاحباتك؟
قال‏:‏ أيوه‏..‏ لكن الفلوس‏+‏ أصحاب وصاحبات موش كل شيء‏..‏ أنا حاسس بوحدة فظيعة‏..‏ كل ما أصادف مشكلة أكلم بابا في التليفون في أي بلد هو نازل فيه يقوللي‏:‏ يابني انت بتعطلني علي موضوع هايف زي ده‏!!‏
أروح لماما‏..‏ تبوسني وتقوللي أنت راجل دلوقتي‏..‏ اعتمد علي نفسك وحل مشكلاتك بنفسك انت موش صغير‏!‏

أسأله‏:‏ وإيه هي المشكلة اللي محيراك؟
قال‏:‏ أقولك بس بلاش أسماء لأحسن حد يعرف‏!‏
قلت‏:‏ حاضر‏.‏
قال‏:‏ أنا بحب واحدة زميلتي في الجامعة وما أقدرش أبعد عنها أبدا‏.‏
قلت‏:‏ قول لأبوك أو أمك تخطبها لك لحد ما تتخرج‏!‏
قال‏:‏ أبويا علي التليفون من نيويورك قال لي‏:‏ بلاش لعب عيال‏..‏ فرفش‏..‏ حب‏..‏ العب‏..‏ لكن جواز دلوقتي لأ؟
قلت‏:‏ وأمك؟
قال‏:‏ قالت‏:‏ ياننوس عين أمك عاوز تتجوز‏..‏ وأنت عندك اثنين وعشرين‏..‏ وملهوف ليه علي الهم ده بدري‏..‏ لما تتخرج يا حبيبي تعالي أجوزهالك‏!‏

قلت‏:‏ وعملت إيه؟
قال‏:‏ اتجوزتها من وراهم‏!
‏ قلت‏:‏ اتجوزتها ازاي وانت لسه بتاخد مصروفك من بابا وماما؟
قال‏:‏ اتجوزتها عرفي زي ما بيحصل في الجامعة دلوقت‏..‏ من غير ما أهلي يعرفوا ولا حتي أهلها اللي رفضوا أخطبها لوحدي إلا إذا حضرت أمي أو أبويا معايا‏!‏

أسأله‏:‏ وبتتقابلوا ازاي؟
قال‏:‏ دي موش مشكلة‏..‏ المشكلة انها حامل دلوقتي‏..‏ وموش عارفين نعمل إيه في المصيبة دي‏!‏

قلت‏:‏ مافيش حل إلا أنكم تعترفوا لأهاليكم وأهلك وأهلها يشوفوا حل‏!‏

يسألني‏:‏ وإيه هو الحل‏!‏

قال‏:‏ هو فيه غيره‏..‏ الزواج الرسمي واللي كان في الخفاء يظهر فوق السطح وأمام كل الناس‏..‏ وشيل ياعم الهم بدري‏!


أين ذهبت لمة العيلة‏..‏ أين ذهب الونس؟
اصبحنا نعيش في لوكاندة اسمها البيت‏..‏
نأكل ونشرب وننام وكأننا ركاب قطار مسافر بلا محطة وصول‏!