غرباء داخل جدران أربعة
الغريب في داره غريب في وطنه
تحقيق : عـزت السـعدني
كم هو مؤلم.. كما قال لي طالب عمره يقترب من العشرين.. أن تجد نفسك غريبا في بيتك!
وعندما قلت له: المؤلم أكثر أن تجد نفسك غريبا في وطنك, لا أحد يفهمك.. لا أحد يسمعك.. لا أحد يريد أن يفهمك.. لا أحد يريد أن يسمعك كأنك تؤذن في مالطة.
قال بانفعال: ياسيدي.. الغريب في داره غريب في وطنه.. نحن أبناء هذا الجيل ينطبق علينا تماما المثل الشعبي نؤذن في مالطة!
أسأله: إزاي؟
قال: نحن أربعة أخوة وأخوات.. أبونا رجل ميسور الحال جدا يتنقل بين عواصم العالم لمتابعة حركة تجارته وأعماله الواسعة.. ولا نكاد نراه إلا مرتين كل عام في العيد الصغير والعيد الكبير.. وكل واحد فينا لديه عربية آخر موديل, ودخل شهري محترم, لكن كل واحد كأنه يعيش لوحده في هذه الدنيا, يفعل ما يروق له دون أن يحاسبه أحد.. والحمد لله نحن حتي الآن ناجحون في مدارسنا وجامعاتنا.. يعني أقعد في البيت.. أبات مرة عند أصحابي.. أسافر الغردقة, أو حتي باريس.. أروح أرجع مافيش حد بيقوللي انت بتعمل إيه..
أسأله: وإخواتك البنات الشيء نفسه؟
قال: أيوه.. لأن ماما أسبور قوي وسيدة مجتمع وعندها صداقات كثيرة وعندها أعمالها برضه هي اللي بتديرها وبتحقق لها ربح كبير قوي..
قلت: طيب مافيش مشكلة هنا!
قال: لا.. فيه.. كأني عايش في الدنيا دي لوحدي..
قلت: موش عندك أصحابك وصاحباتك؟
قال: أيوه.. لكن الفلوس+ أصحاب وصاحبات موش كل شيء.. أنا حاسس بوحدة فظيعة.. كل ما أصادف مشكلة أكلم بابا في التليفون في أي بلد هو نازل فيه يقوللي: يابني انت بتعطلني علي موضوع هايف زي ده!!
أروح لماما.. تبوسني وتقوللي أنت راجل دلوقتي.. اعتمد علي نفسك وحل مشكلاتك بنفسك انت موش صغير!
أسأله: وإيه هي المشكلة اللي محيراك؟
قال: أقولك بس بلاش أسماء لأحسن حد يعرف!
قلت: حاضر.
قال: أنا بحب واحدة زميلتي في الجامعة وما أقدرش أبعد عنها أبدا.
قلت: قول لأبوك أو أمك تخطبها لك لحد ما تتخرج!
قال: أبويا علي التليفون من نيويورك قال لي: بلاش لعب عيال.. فرفش.. حب.. العب.. لكن جواز دلوقتي لأ؟
قلت: وأمك؟
قال: قالت: ياننوس عين أمك عاوز تتجوز.. وأنت عندك اثنين وعشرين.. وملهوف ليه علي الهم ده بدري.. لما تتخرج يا حبيبي تعالي أجوزهالك!
قلت: وعملت إيه؟
قال: اتجوزتها من وراهم!
قلت: اتجوزتها ازاي وانت لسه بتاخد مصروفك من بابا وماما؟
قال: اتجوزتها عرفي زي ما بيحصل في الجامعة دلوقت.. من غير ما أهلي يعرفوا ولا حتي أهلها اللي رفضوا أخطبها لوحدي إلا إذا حضرت أمي أو أبويا معايا!
أسأله: وبتتقابلوا ازاي؟
قال: دي موش مشكلة.. المشكلة انها حامل دلوقتي.. وموش عارفين نعمل إيه في المصيبة دي!
قلت: مافيش حل إلا أنكم تعترفوا لأهاليكم وأهلك وأهلها يشوفوا حل!
يسألني: وإيه هو الحل!
قال: هو فيه غيره.. الزواج الرسمي واللي كان في الخفاء يظهر فوق السطح وأمام كل الناس.. وشيل ياعم الهم بدري!
أين ذهبت لمة العيلة.. أين ذهب الونس؟
اصبحنا نعيش في لوكاندة اسمها البيت..
نأكل ونشرب وننام وكأننا ركاب قطار مسافر بلا محطة وصول!