الأحد، 1 أغسطس 2010

دموع علي شاطئ النيل‏!‏ .. غرباء داخل جدران أربعة


غرباء داخل جدران أربعة
دموع علي شاطئ النيل‏!‏

تحقيق : عـزت السـعدني

وإذا كنا نعيش عصر الكآبة المنزلية والانعزال النفسي العائلي والانفصال الأسري‏..‏ في ظل بيت بلا قائد‏,‏ وشباب ضائع هائم بلا مستقبل‏..‏ يعيش في ظل شجرة الأمل‏..‏ بلا عمل‏..‏ بل إن الحكومة الإلكترونية المصونة قطعت عنها الماء لتذبل أوراق العمل وتسقط خطابات التعيين في وحل الطريق بحجة أن الحكومة موش قادرة‏..‏ وعلي كل شباب مصر أن يطرقوا أبواب العمل الخاص ليتلقفهم زبانية السوق الحرة والعولمة والتجرمة وبيع كل شيء في المزاد العلني‏..‏

وإذا كان هذا هو حال شبابنا الحائر الضائع المكتئب‏॥‏ فلا بأس ولا مناص ولا مفر أن نتابع وقائع هذا المشهد الميلودرامي المؤلم الذي لو شاهده مخرج الروائع والأحزان حسن الامام..

لجعله مقدمة لفيلم عنوانه‏:‏ دموع علي شاطئ النيل‏!‏

كان الوقت ـ كما يقول أهل بلدنا ـ صفاري شمس‏..‏ يعني عندما تتكسر حدة الشمس العفية وتهبط غروبا‏..‏

المكان‏:‏ هو كوبري الوراق أطول كباري النيل‏..‏ علي يمينه القاهرة الصاخبة وإلي يساره صعودا مع التيار بلد الجمال والدلال والخضرة والزهور‏..‏ القناطر الخيرية‏..‏
حسب أقوال عم شمس بائع حمص الشام علي الكوبري في محضر الشرطة‏.‏: أنا شفت شاب كده طول بعرض بالصلاة علي النبي كان لابس قميص مخطط وبنطلون كاكي‏..‏ جالي وقاللي‏:‏ وحياتك الجواب ده ابقي سلمه لأبويا‏..‏

سألته‏:‏ وأبوك ألاقيه فين إن شاء الله؟
قال لي‏:‏ هو هييجي هنا هييجي‏..‏ بس قول له ده جواب من ابنك صبحي وهو هيفهم كل حاجة‏!‏

أنا يادوب خدت منه الجواب‏..‏ وبصيت لقيته ركب سور الكوبري وراح ناطط في البحر‏..‏ غطس ماقبش تاني‏!.‏

ماذا تقول سطور خطاب أخونا صبحي المحفوظ في محضر تحقيق النيابة؟

‏**‏ بابا ما تزعلش وقول لأمي ما تعيطش عليا‏,‏ أنتم ذنبكم إيه علمتوني لحد ما أخدت الليسانس‏..‏
وبعدين سنة ورا سنة مافيش شغل‏..
‏ أصبحت عالة عليكم‏..‏
خللوا بالكم من اخواتي خصوصا لمياء أختي الصغيرة اللي كانت دائما ما تسيبنيش طول الليل وأنا بأذاكر‏..‏
أنا ما تكلمتش مع أي حد منكم‏..
‏ انتم في وادي وأنا في وادي‏..
‏ ياريت كنت اتكلمت معاكم‏..‏ يمكن ما كنتش زعلتكم بعملتي دي‏..‏
ربنا يغفر لي وليكم‏!‏

انتهي خطاب صبحي‏..‏ الغريب في وطنه‏..‏ الغريب في بيته‏..‏ ما أقسي أن يجمع الإنسان بين الغربتين‏!‏


أين ذهبت لمة العيلة‏..‏ أين ذهب الونس؟
اصبحنا نعيش في لوكاندة اسمها البيت‏..‏
نأكل ونشرب وننام وكأننا ركاب قطار مسافر بلا محطة وصول‏!