
غرباء داخل جدران أربعة
دموع علي شاطئ النيل!
تحقيق : عـزت السـعدني
وإذا كنا نعيش عصر الكآبة المنزلية والانعزال النفسي العائلي والانفصال الأسري.. في ظل بيت بلا قائد, وشباب ضائع هائم بلا مستقبل.. يعيش في ظل شجرة الأمل.. بلا عمل.. بل إن الحكومة الإلكترونية المصونة قطعت عنها الماء لتذبل أوراق العمل وتسقط خطابات التعيين في وحل الطريق بحجة أن الحكومة موش قادرة.. وعلي كل شباب مصر أن يطرقوا أبواب العمل الخاص ليتلقفهم زبانية السوق الحرة والعولمة والتجرمة وبيع كل شيء في المزاد العلني..
وإذا كان هذا هو حال شبابنا الحائر الضائع المكتئب॥ فلا بأس ولا مناص ولا مفر أن نتابع وقائع هذا المشهد الميلودرامي المؤلم الذي لو شاهده مخرج الروائع والأحزان حسن الامام..
لجعله مقدمة لفيلم عنوانه: دموع علي شاطئ النيل!
كان الوقت ـ كما يقول أهل بلدنا ـ صفاري شمس.. يعني عندما تتكسر حدة الشمس العفية وتهبط غروبا..
المكان: هو كوبري الوراق أطول كباري النيل.. علي يمينه القاهرة الصاخبة وإلي يساره صعودا مع التيار بلد الجمال والدلال والخضرة والزهور.. القناطر الخيرية..
حسب أقوال عم شمس بائع حمص الشام علي الكوبري في محضر الشرطة.: أنا شفت شاب كده طول بعرض بالصلاة علي النبي كان لابس قميص مخطط وبنطلون كاكي.. جالي وقاللي: وحياتك الجواب ده ابقي سلمه لأبويا..
سألته: وأبوك ألاقيه فين إن شاء الله؟
قال لي: هو هييجي هنا هييجي.. بس قول له ده جواب من ابنك صبحي وهو هيفهم كل حاجة!
أنا يادوب خدت منه الجواب.. وبصيت لقيته ركب سور الكوبري وراح ناطط في البحر.. غطس ماقبش تاني!.
ماذا تقول سطور خطاب أخونا صبحي المحفوظ في محضر تحقيق النيابة؟
** بابا ما تزعلش وقول لأمي ما تعيطش عليا, أنتم ذنبكم إيه علمتوني لحد ما أخدت الليسانس..
وبعدين سنة ورا سنة مافيش شغل..
أصبحت عالة عليكم..
خللوا بالكم من اخواتي خصوصا لمياء أختي الصغيرة اللي كانت دائما ما تسيبنيش طول الليل وأنا بأذاكر..
أنا ما تكلمتش مع أي حد منكم..
انتم في وادي وأنا في وادي..
ياريت كنت اتكلمت معاكم.. يمكن ما كنتش زعلتكم بعملتي دي..
ربنا يغفر لي وليكم!
انتهي خطاب صبحي.. الغريب في وطنه.. الغريب في بيته.. ما أقسي أن يجمع الإنسان بين الغربتين!
أين ذهبت لمة العيلة.. أين ذهب الونس؟
اصبحنا نعيش في لوكاندة اسمها البيت..
نأكل ونشرب وننام وكأننا ركاب قطار مسافر بلا محطة وصول!