غرباء داخل جدران أربعة
يا بابا أنا عاوزة أتجوز فلان
تحقيق : عـزت السـعدني
نجيء للسؤال الصعب.. بل لعله أصعب سؤال ممكن أن يواجهه الأب في حياته كلها..
وكأننا نعيش أحداث فيلم عربي من أيام أفلام الأبيض والأسود بتاعة زمان..
تجيء الفتاة الحلوة المتعلمة بنت الأصول لتفاجيء أباها بعد أن ختم صلاة العصر, وقبل أن يسحب السجادة ويطويها:
يا بابا أنا عاوزة أتجوز فلان؟
يبتلع الأب السؤال وينتبه قليلا ويجلس علي الكنبة المقابلة وهو يسأل ابنته الشابة الحلوة بنت الأصول: واشمعني فلان ده بالذات.. انت تعرفيه؟
البنت دون أن يطرف لها رمش: أيوه يابابا كان زميلي في الجامعة.. وكنا.. وكنا..
الأب: كنتم بتحبوا بعض موش كده!
البنت تطرق خجلا في زمن ضاع الخجل فيه من سحنة كل البنات.. ولا ترد.. الأب يبحث في درج مكتبه عن علبة سجاير..
لكن الابنة تذكره: انت يا بابا مبطل تدخين من عشر سنين!
الأب: كلامك فكرني بالسجاير.. أمك عارفة حكاية الواد زميلك ده.. بالطبع عارفة ومخبية عليا كالعادة.,.
البنت وقد زال خجل العذاري من وجهها: أيوه وهي موافقة.. بس انت ترضي!
بضع حبات من العرق تندي جبين الأب.. لا يعرف بما يجيب إلا أن ينادي علي زوجته التي تحضر صامتة فهي التي رسمت الملعوب كله مع ابنتها الشابة, وربما جلست مع الشاب وتحدثت معه والأب في عالم آخر..
الأب يرسل من فمه تنهيدة طويلة وهو يقول: يعني طبختوا الطبخة سوا وفاضل بس إني أدوقها وأقول حلوة والله..
الأم تتكلم لأول مرة: شوف الولد الأول وبعدين قول آه.. أو لأ..
الأب بحيرة: بس ده لسه تلميذ بياخد مصروفه من أبوه..
البنت: أبوه تاجر كبير والولد حيدير تجارة أبوه بعد ما يتخرج!
الأب وهو يقوم من مقامه وقد سلم الراية: خليه يتهبب ييجي ومعاه أبوه وأمه موش لوحده!
البنت هنا هي التي اختارت والأم عامت علي هوي ابنتها والأب رضخ في النهاية لاختيار البنت وأمها..
المشهد الأخير بعد سنة في رواية حسن الإمام:
في محكمة الأسرة.. الابنة تطلب الطلاق..
لأن:* الولد طلع موش راجل!
* وأبو الولد طلع مسجل خطر ويتاجر في المخدرات!
* وأبو البنت طريح الفراش نكدا وحزنا!
ألستم معي أننا نعيش غرباء في بيوتنا؟
أين ذهبت لمة العيلة.. أين ذهب الونس؟
اصبحنا نعيش في لوكاندة اسمها البيت..
نأكل ونشرب وننام وكأننا ركاب قطار مسافر بلا محطة وصول!