الاثنين، 30 مايو 2011

المذاهب الفكرية المعاصرة : روابط ما تم نشرة علي بلوجر







المذاهب الفكرية المعاصرة : روابط ما تم نشرة علي بلوجر

المذاهب الفكرية المعاصرة



المذاهب الفكرية المعاصرة
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post.html

دخول الأفكار إلى بلاد المسلمين وموقفنا منها
كيف دخلت الحضارة الغربية بأفكارها بلدان المسلمين
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_30.html

كيف نقف من الحضارة الغربية وأفكارها؟
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_141.html

معنى القومية..وبعض المصطلحات الأخرى
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_5215.html

الشيوعية
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_4734.html

حكم الانتماء إلى الشيوعية - فتوى المجمع الفقهي
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_5658.html

فتوى للقرضاوي " حكم الشيوعي في الإسلام "
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_6473.html

العلمانية
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_6446.html

أسباب ظهور العلمانية وآثارها في الغرب
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_3310.html

أسئلة حول العلمانية ؟
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_2147.html

العلمانية ردة عن الإسلام
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_698.html

الليبرالية
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_7618.html

حكم الإسلام في الليبرالية
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_5077.html

سبعة عشر وسيلة لإغاظة الليبراليين
http://ntthqffekolh.blogspot.com/2011/05/blog-post_5738.html


ولمن يريد معرفة باقي المذاهب الفكرية المعاصرة

فهي هنا وتفضل الرابط :
http://www.dorar.net/enc/mazahib/35

سبعة عشر وسيلة لإغاظة الليبراليين

المذاهب الفكرية المعاصرة

سبعة عشر وسيلة لإغاظة الليبراليين


صيد الفوائد ماجد مسفر العتيبي
http://saaid.net/mktarat/almani/74.htm
1- إعلان العبودية لله عز وجل وانك عبد مملوك لله سبحانه وتعالى توحده ولا تعبد غيره, وتخافه, وترجوه, وتتوكل عليه, وفوق هذا كله تحبه سبحانه وتعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 163] والليبراليين يدعون في زعمهم إلى الحرية وفي الحقيقة انما هم يدعون إلى التمرد على العبودية التي فرضها الله عز وجل على خلقة.
2- التفقة في الدين على ضوء القـرآن والسنة. فهما المصدرين الأساسيين للشريعة وهما اشد ما يخاف العلمانيين ولذلك يحاولون إبعاد الناس عنهما تارة بتأويل النصوص وتارة بترجيح العقل عليهما وتارة بتنفير الناس عن حملة القـرآن والسنة وأظهارهم في اقبح صورة .
فينبغي لنا ان ننكب على القـرآن الكريم والحديث الشريف وندمن النظر في كتب التفسير وكتب السنة وكتب العلوم الشرعية وهي سهلة ميسرة وفي متناول الجميع وكذلك ينبغي أجلال وتقدير حملة هذا الدين من العلماء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أيها الناس, أني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتـاب الله وسنتي" رواه مالك في الموطأ والحاكم في المستدرك
3- الدعوة إلى الله عز وجل وإلى الاعتصام بالكتاب والسنة وحث الناس على الخير وحتى نغلق منافذ الليبراليين على المجتمع ونهدم أمال الليبراليين في أغراق المجتمع في بحر الرذيلة والانحلال الخلقي وللعلم فأن الوقوع في الشهوات المحرمة هو الخطوة الأولى للوقوع في الشبهات قال صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت " فذلك قول الله تعالى (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) رواه الترمذي
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الفريضة التي يكرها الليبراليين اشد الكره. أما ترى موقفهم من حماة الفضيلة وأسود الحسبة (هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر). فينبغي علينا جميعاً ان نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر عن أَبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي اللَّه عنه قال : سمِعْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « مَنْ رَأَى مِنْكُم مُنْكراً فَلْيغيِّرْهُ بِيَدهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطعْ فبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبقَلبهِ وَذَلَكَ أَضْعَفُ الإِيمانِ » رواه مسلم .
5- الغلظة في التعامل مع رؤوس وعتاة الليبراليين ومجاهرتهم بالعداء وقد قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التوبة:73] واللين والرحمة بمن يتأمل فيه الخير منهم ويرجا منه العودة إلى الحق وخاصة الشباب حدثاء السن.
6- تحذير الناس من العلمانية والليبرالية وتوضيح خطرهما وكشف مخططاتهم والتشهير بهم نظماً ونثراً وكشف شبهاتهم والرد عليها وتفنيد أقوالهم لمن كان لديه العلم الكافي ونشر تلك الردود على أوسع نطاق.
7- دعم حلقات تحفيظ القـرآن الكـريم والتي هي وحدها من سوف يخّرج لنا جيل العزة والكرامة والأيمان والتقوى.
8- دعم المخيمات الدعوية والمعسكرات والمراكز الصيفية والتي يتربص بها الليبراليين ويرمونها بالافك والزور والبهتان عدواناً من أنفسهم.
9- دعم مواقع الانترنت المتخصصة في الرد على العلمانيين مادياً ومعنوياً عن طريق مراسلتهم وتشجيعهم وشكرهم وعلى رأس تلك المواقع: شبكة القلم الفكرية و موقع لبرالي و موقع سفهاء بلا حدود.
10- إظهار حقيقة الغرب الكافر -الذي هو محل تقديس لدى اليبراليين- والتعريف بماضية الصليبي الدموي وحاضرة المنحرف المتسلط ومستقبله المهزوم بأذن الله. وللعلم فأن الغرب هو قطب الرحى الذي يدور عليه الفكر الليبرالي ويستلهم منه قواه فان استطعنا ان نقطع عنهم مصدر قوتهم فحينها نكون ضمنا 60% من المعركة.
ومن اعظم الطرق لهذا الامر هو تجديدة عقيدة الولاء والبراء في القلوب والذي هو اصل من اصول العقيدة وانهدامه يعني فتح باب شر اصبحنا نراه بأعيننا
11- التذكير بفريضة الجهاد في سبيل الله وفضله وحقيقته والتغني بأخبار الفتوحات الإسلامية وقصص بطولات المجاهدين وتنقية صورة الجهاد من الدخن الذي اصابة على أيدي الفئة الضالة. والتوضيح ان الجهاد ينقسم قسمين جهاد طلب وجهاد دفع وهذا ما يحاول الليبراليين طمسه مع انه ثابت في القرآن والسنة والاجماع والتاريخ, وقد بلغت وقاحة الليبراليين من بني جلدتنا بان اتهموا الصحابة رضي الله عنهم بان جهادهم لم يكن جهاد لانه لم يكن دفاعاً عن النفس.
12- حراسة المرأة من كيد ومخططات العلمانيين ومكائدهم نحوها فهي نصف المجتمع ومربية الأجيال وإفسادها يعني إفساد الأجيال القادمة, ومن أساليبهم استغلال ما تعانيه المرأة من ظلم في الكثير من المجتمعات وأيضاً استغلال سهولة انقياد المرأة خاصة اذا استخدم ضدها سحر البيان وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أن من البيان لسحر".
13- نشر الأخلاق الكريمة والشمائل الفاضلة بين الناس والدعوة عليه وخاصة الغيرة على الأعراض ونبذ الدياثة التي يجمّلها الليبراليين باسم التحرر والتنوير !!!
14- الدعوة إلى وحدة الصفة وجمع الكلمة وسلامة الصدر بين المسلمين فالفرقة والاختلاف من ما يرضي الليبراليين بل هو باب من أبواب الشبه التي يثيرونها ويحرصون على إظهارها حتى يصوروا للناس ان المسلمين وخاصة دعاتهم وعلمائهم يعيشون في بيئة متناحرة يسودها التباغض والتحاسد.
15- نشر التاريخ الإسلامي والتعريف بشخصياته العظيمة ونشر أمجاد امتنا العريقة والوقوف في وجه الليبراليين الذين يريدون تحقير وتشويه ماضينا على حساب تمجيد الغرب.
16- تربية النشء على طاعة الله عز وجل والتمسك بدينه والاعتزاز به وعلى سير الصحابة رضي الله عنهم وقصص ابطال المسلمين من الفاتحين والعلماء والعباد.
17- الاعتزاز بالنفس والشموخ ورفض الذل وكسر القيود التي يريد العلمانيين أن يقيدوننا بها قيود التبعية للغرب وتحقير العالم الإسلامي عامة والعربي خاصة ونشر الإحباط والقنوط من فرج الله عز وجل وهذه الهزيمة النفسية هي أشد خطر من الهزيمة العسكرية, ولذلك ينبغي ان نؤمن بنصر الله عز وجل لدينه ونتواصى على ذلك فيما بيننا
ومما زادني شرفاً وفخراً = وكدت بأخمصي اطا الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي= وان سيرت أحمد لي نبيا
هذا والله أعلم وصل الله وسلم على نبيه

حكم الإسلام في الليبرالية

المذاهب الفكرية المعاصرة

حكم الإسلام في الليبرالية
فإذن الليبراليِّة ما هي إلاّ وجه آخر للعلمانيِّة التي بنيت أركانها على الإعراض عن شريعة الله تعالى، والكفر بما أنزل الله تعالى، والصد عن سبيله، ومحاربة المصلحين، وتشجيع المنكرات الأخلاقيِّة، والضلالات الفكريِّة، تحت ذريعة الحريِّة الزائفـــــة، والتي هي في حقيقتها طاعة للشيطان وعبودية له.
هذه هي الليبراليّة، وحكمها في الإسلام هو نفس حكم العلمانيّة سواء بسواء، لأنها فرع من فروع تلك الشجرة، ووجه آخر من وجوهها القبيحة.


حكم الدعوة إلى الفكر الليبرالي في البلاد الإسلامية

صيد الفوائد سليمان بن صالح الخراشي
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/128.htm

نص السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماقول فضيلتكم في الدعوة إلى الفكر الليبرالي في البلاد الإسلامية ؟ وهو الفكر الذي يدعو إلى الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي ، فيساوي بين المسلم والكافر بدعوى التعددية ، ويجعل لكل فرد حريته الشخصية التي لا تخضع لقيود الشريعة كما زعموا ، ويحاد بعض الأحكام الشرعية التي تناقضه ؛ كالأحكام المتعلقة بالمرأة ، أو بالعلاقة مع الكفار ، أو بإنكار المنكر ، أو أحكام الجهاد .. الخ الأحكام التي يرى فيها مناقضة لليبرالية . وهل يجوز للمسلم أن يقول : ( أنا مسلم ليبرالي ) ؟ ومانصيحتكم له ولأمثاله ؟
الجواب :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد :
فإن المسلم هو المستسلم لله بالتوحيد ، المنقاد له بالطاعة ، البريئ من الشرك وأهله . فالذي يريد الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي ؛ هذا متمرد على شرع الله ، يريد حكم الجاهلية ، وحكم الطاغوت ، فلا يكون مسلمًا ، والذي يُنكر ما علم من الدين بالضرورة ؛ من الفرق بين المسلم والكافر ، ويريد الحرية التي لا تخضع لقيود الشريعة ، ويُنكر الأحكام الشرعية ؛ من الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومشروعية الجهاد في سبيل الله ، هذا قد ارتكب عدة نواقض من نواقض الإسلام ، نسأل الله العافية . والذي يقول إنه ( مسلم ليبرالي ) متناقض إذا أريد بالليبرالية ما ذُكر ، فعليه أن يتوب إلى الله من هذه الأفكار ؛ ليكون مسلمًا حقًا .
تعليق
جزى الله الشيخ صالح الفوزان خير الجزاء عن إجابته ، وهو صاحب الجهود المعلومة في الرد على من تأثر بالليبرالية من الصحفيين هداهم الله .
وظني والله أعلم أن الليبراليين لدينا ثلاثة أصناف :
1- الصنف الأول وهو أسوؤهم : من يعرف مناقضة الليبرالية لكثير من أحكام الإسلام ، لكنه - وللأسف - يستمر في الدعوة إليها ، ويرتضيها معتقدًا ، ويُقبل عليها على علم ، فهذا قد باع دينه بها ، ومعلومٌ حكم هذا ومآله نسأل الله العافية .
2- الصنف الثاني : مقلد ، يردد هذه الكلمة دون فهم لما تدل عليه وما يترتب عليها ، فهو مفتون بكل فكرة غريبة ، إما بدعوى حب الشذوذ ، أو لانخداعه بكلمة ( الحرية ) التي تقوم عليها هذه الفكرة ، فيظن أنها لا تُخالف الإسلام ، ومعلومٌ أن الإنسان مجبول على حب الحرية ؛ لكنه بين حرية يقيدها الشرع أو حرية تقيدها الأحكام الوضعية ( لأنه لا يوجد حرية دون قيود ) ، فإن تقيدت حريته بحدود الشرع محتسبًا الأجر من الله فقد فاز ، وإن تقيدت حريته بالأحكام الوضعية متعديًا حدود الشرع ؛ فقد خاب وخسر ، والاثنان يجمعهما قوله تعالى : ( تلك حدود الله و من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم . و من يعصِ الله و رسوله و يتعد حدوده يُدخله نارًا خالدًا فيها و له عذاب مهين ) .
3- الصنف الثالث : من يعرف مناقضة الليبرالية لكثير من أحكام الإسلام ، لكنه يقول : أنا سأقيد هذه الليبرالية بأحكام الشرع ، وسأنبذ كل مايخالفه فيها ، وهذا نيته طيبة ، لكنه متناقض ؛ لأنه إذا قيد الليبرالية بقيود الشرع خرجت عن كونها ليبرالية ! فلاداعي لأن يدعو لها ويعتنقها وهو يخالف أساساتها السابقة في السؤال ، وهذا يذكرني بمن يدعو للديمقراطية من المسلمين - كالقرضاوي - ويقول : سأقيدها - أيضًا بأحكام الشرع - فلن أقبل مثلا التصويت على أمر قد حكم فيه الشرع ، وهذا كالأول متناقض ؛ لأنه إذا قيدها بما سبق خرجت عن كونها ديمقراطية !
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، ويجعلنا ممن قال الله فيهم :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.

الليبرالية

المذاهب الفكرية المعاصرة

الليبرالية



الليبرالية (بالإنجليزية: Liberalism‏) اشتقت كلمة ليبرالية من ليبر liber وهي كلمة لاتينية تعني الحر.
فالليبرالية تعني التحرر. وفي أحيان كثيرة تعني التحرر المطلق من كل القيود مما يجعلها مجالا للفوضى.
الليبرالية حاليا مذهب أو حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وقد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، إذ تختلف من مجتمع إلى مجتمع. الليبرالية أيضا مذهب سياسي واقتصادي معاً ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية.
وبخصوص العلاقة بين الليبرالية والأخلاق، أو الليبرالية والدين، فإن الليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد طالما أنه لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار.

وتعريف ثان لليبرالية :

هي مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في السياسة والاقتصاد ، وينادي بالقبول بأفكار الغير وأفعاله ، حتى ولو كانت متعارضة مع أفكار المذهب وأفعاله ، شرط المعاملة بالمثل .
والليبرالية السياسية تقوم على التعددية الإيدلوجية والتنظيمية الحزبية .
والليبرالية الفكرية تقوم على حرية الاعتقاد ؛ أي حرية الإلحاد ، وحرية السلوك ؛ أي حرية الدعارة والفجور ، وعلى الرغم من مناداة الغرب بالليبرالية والديمقراطية إلا أنهم يتصرفون ضد حريات الأفراد والشعوب في علاقاتهم الدولية والفكرية .
وما موقفهم من الكيان اليهودي في فلسطين ، وموقفهم من قيام دول إسلامية تحكم بالشريعة ، ومواقفهم من حقوق المسلمين إلا بعض الأدلة على كذب دعواهم .
وتعريف آخر لليبرالية:
الليبراليَّة هي وجه آخر من وجوه العلمانيِّة، وهي تعني في الأصل الحريِّة، غير أن معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء، بدون التقيد بشريعة إلهية، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه، وعابد هواه، غير محكوم بشريعة من الله تعالى، ولا مأمور من خالقه باتباع منهج إلهيّ ينظم حياته كلها، كما قال تعالى:
قُل إنَّ صَلاتي ونُسُكِي وَمَحيايَ وَمَماتي للهِ رَبَّ العالَمِينَ، لاشَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المِسلِمين الأنعام 162، 163، وكما قال تعالى:
ثمُّ جَعَلنَاكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمرِ فَاتَّبِعها وَلا تتَّبِع أَهواءَ الذِينَ لا يَعلَمُون الجاثية 18
هل تملك الليبرالية إجابات حاسمة لما يحتاجه الإنسان:
الليبراليَّة لا تُعطيك إجابات حاسمة على الأسئلة التالية مثلا: هل الله موجود؟ هل هناك حياة بعد الموت أم لا؟ وهل هناك أنبياء أم لا؟ وكيف نعبد الله كما يريد منّا أن نعبده؟ وما هو الهدف من الحياة؟ وهل النظام الإسلاميُّ حق أم لا؟ وهل الربا حرام أم حلال؟ وهل القمار حلال أم حرام؟ وهل نسمح بالخمر أم نمنعها، وهل للمرأة أن تتبرج أم تتحجب، وهل تساوي الرجل في كل شيء أم تختلف معه في بعض الأمور، وهل الزنى جريمة أم علاقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية إذا وقعت برضا الطرفين، وهل القرآن حق أم يشتمل على حق وباطل، أم كله باطل، أم كله من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم- ولا يصلح لهذا الزمان، وهل سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم- وحي من الله تعالى فيحب أتباعه فيما يأمر به، أم مشكوك فيها، وهل الرسول - صلى الله عليه وسلم- رسول من الله تعالى أم مصلح اجتماعي، وما هي القيم التي تحكم المجتمع؟ هل هي تعاليم الإسلام أم الحرية المطلقة من كل قيد، أم حرية مقيدة بقيود من ثقافات غربية أو شرقية، وما هو نظام العقوبات الذي يكفل الأمن في المجتمع، هل الحدود الشرعية أم القوانين الجنائية الوضعية، وهل الإجهاض مسموح أم ممنوع، وهل الشذوذ الجنسي حق أم باطل، وهل نسمح بحرية نشر أي شيء أم نمنع نشر الإلحاد والإباحية، وهل نسمح بالبرامج الجنسية في قنوات الإعلام أم نمنعه، وهل نعلم الناس القرآن في المدارس على أنه منهج لحياتهم كلها، أم هو كتاب روحي لا علاقة له بالحياة ؟؟؟
المبدأ العام لليبرالية:
فالليبراليّة ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه الأسئلة، ومبدؤها العام هو: دعوا الناس كلُّ إله لنفسه ومعبود لهواه، فهم أحرار في الإجابة على هذه الأسئلة كما يشتهون ويشاؤون، ولن يحاسبهم رب على شيء في الدنيا، وليس بعد الموت شيء، لا حساب ولا ثواب ولا عقاب.
ما الذي يجب أن يسود المجتمع في المذهب الليبرالي:
وأما ما يجب أن يسود المجتمع من القوانين والأحكام، فليس هناك سبيل إلا التصويت الديمقراطي، وبه وحده تعرف القوانين التي تحكم الحياة العامة، وهو شريعة الناس لا شريعة لهم سواها، وذلك بجمع أصوات ممثلي الشعب، فمتى وقعت الأصوات أكثر وجب الحكم بالنتيجة سواء وافقت حكم الله وخالفته.
السمة الأساسية للمذهب الليبرالي:
السمة الأساسية للمذهب الليبرالية أن كل شيء في المذهب الليبراليِّ متغيِّر، وقابل للجدل والأخذ والردِّ حتى أحكام القرآن المحكمة القطعيِّة، وإذا تغيَّرت أصوات الأغلبية تغيَّرت الأحكام والقيم، وتبدلت الثوابت بأخرى جديدة، وهكذا دواليك، لا يوجد حق مطلق في الحياة، وكل شيء متغير، ولا يوجد حقيقة مطلقة سوى التغيُّر.
إله الليبرالية:
فإذن إله الليبراليِّة الحاكم على كل شيء بالصواب أو الخطأ، حرية الإنسان وهواه وعقله وفكره، وحكم الأغلبيِّة من الأصوات هو القول الفصل في كل شئون حياة الناس العامة، سواءٌ عندهم عارض الشريعة الإلهيّة ووافقها، وليس لأحد أن يتقدَّم بين يدي هذا الحكم بشيء، ولا يعقِّب عليه إلا بمثله فقط.
تناقض الليبرالية:
ومن أقبح تناقضات الليبرالية، أنَّه لو صار حكمُ الأغلبيِّة هو الدين، واختار عامة الشعب الحكم بالإسلام، واتباع منهج الله تعالى، والسير على أحكامه العادلة الشاملة الهادية إلى كل خير، فإن الليبراليّة هنا تنزعج انزعاجاً شديداً، وتشن على هذا الاختيار الشعبي حرباً شعواء، وتندِّدُ بالشعب وتزدري اختياره إذا اختار الإسلام، وتطالب بنقض هذا الاختيار وتسميه إرهاباً وتطرفاً وتخلفاً وظلاميّة ورجعيّة .. الخ
كما قال تعالى:
وإذا ذُكِر الله ُوَحدَهُ اشمَأَزَّت قلوبُ الذين لا يُؤمِنُونَ بِالآخرِةِ وَإِذا ذُكِرَ الذينَ مِنَ دونِهِ إذا هُم يَستَبشِروُن الزمر 45.
فإذا ذُكر منهج الله تعالى، وأراد الناس شريعته اشمأزت قلوب الليبراليين، وإذا ذُكِر أيُّ منهجٍ آخر، أو شريعة أخرى، أو قانون آخر، إذا هم يستبشرون به، ويرحِّبون به أيَّما ترحيب، ولا يتردَّدون في تأيِّيده.

العلمانية ردة عن الإسلام

المذاهب الفكرية المعاصرة

العلمانية ردة عن الإسلام


الشيخ صفوت الشوادفي
http://www.alukah.net/Web/shawadfy/0/21184

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين.
وبعد:
فإن مجتمعنا المسلم قد أصبح يعاني من تسلُّل العلمانيين إلى صفوفه، واختراقهم لبعض المواقع ذات التأثير الخطير في الرأي العام.
وقد ابتُلي المسلمون ببلاء مبين - نسأل الله أن يدفعه ويرفعه - ذلك أنهم يقرؤون كل ما يُكتَب، ويصدِّقون كل ما يقال!
وقبل أن نبدأ حديثنا عن العلمانية، فإنني ألفت أنظار المسلمين بشدة إلى ذلك الخطر الواقع بيننا، والمحيط بنا، والذي يتمثَّل في:
♦ أقلام مسمومة تريد أن تقتل الإيمان في قلوبنا.
♦ قوم يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ويهدفون لتدمير أخلاقنا، ويعملون لذلك ليلاً ونهارًا.
♦ مسلمين يعيش الكثير منهم على هامش الحياة، لا يعرفون دورهم فيها، ولا يقومون بواجبهم نحو دينهم كما أمرهم ربهم.
ثم نبدأ حديثنا عن العلمانية وخطرها، فنقول:
العلمانية لا صلة لها بالعلم من قريب أو بعيد؛ بل هي ضد العلم وضد الدين، وقد جاء تعريفها في دائرة المعارف البريطانية بأنها:
حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة، إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها.
وهي بهذا التعريف الواضح، لا تهدف فقط إلى فصل الدين عن الدولة؛ وإنما تهدف إلى فصل الدين عن الحياة كلها، أو بمعنى أكثر وضوحًا: تهدف إلى القضاء على الدين، وبهذا يكون تعريفها الصحيح هو: "العلمانية حركة اجتماعية، تهدف إلى القضاء على الدين، وإقامة المجتمع اللاديني".
وقد تسللت العلمانية إلى كثيرٍ من بلاد المسلمين - خاصة في مصر - وتهدف العلمانية في مصر إلى القضاء على الإسلام بصورة متدرجة، تحت شعار محاربة التطرف، وكل مَن وقف في طريقهم أو اعترض على أقوالهم، فهو متطرف، ولو كان شيخ الأزهر!
ويتبع العلمانيون نفس الخطة التي وضعها (ستالين) للقضاء على الدين في الاتحاد السوفيتي سابقًا، وباءت بالفشل.
وتنقسم خطة ستالين إلى ثلاث مراحل:
1- المرحلة الأولى: مهادنة الدين، وإيهام أصحابه أنهم أحرار في عقائدهم، وقد انتهتْ هذه المرحلة التي كانت أقلام العلمانية فيها تُظهِر احترام الإسلام، وتوقير علماء الأزهر، وتكتفي فقط بالكتابة عن الحب، والإثارة الجنسية، والتماثيل، والفنون، والأفلام، والأغاني... إلخ.
2- المرحلة الثانية: محاولة تنقيح الدين وتطويره، ومعنى ذلك تفسيره تفسيرًا ماركسيًّا، مستغلين النقاط التي تلتقي فيها الماركسية مع الدين.
وفي هذه المرحلة أيضًا يتم إظهار الاهتمام بالدين ورجاله.
وهي نفس الخطة التي اتبعتْها الأقلام العلمانية لإقناع الرأي العام بأن الديمقراطية من الإسلام، وأن الإسلام والاشتراكية وجهان لعملة واحدة!
والإسلام بريء من الديمقراطية؛ فإنها ضلال وفساد، وأما الإسلام فيرتكز نظامُه السياسي على الشورى، وهي تختلف تمامًا عن الديمقراطية من جميع الوجوه، ونظامه الاقتصادي متميز، فهو ليس اشتراكيًّا، ولا رأسماليًّا.
3- المرحلة الثالثة: ادعاء وإظهار معايب الدين، وبُعده عن الحقائق العلمية، ومهاجمته، وادعاء أنه لا يفي بحاجات البشر، ومتطلبات العصر! وكذلك الاستهزاء برجال الدين، والسخرية من العلماء، وهذه المرحلة هي التي نعيشها اليوم، ونسأل الله السلامة.

مثال : لما حدثتِ الفتنة بين رجال الشرطة والجماعات الإسلامية، كتبت أقلام العلمانية تحذِّر كثيرًا من فتاوى السبَّاكين، والفلاحين من غير المتخصصين، وترشد الرأي العام إلى ضرورة الرجوع إلى علماء الأزهر فقط؛ لأنه جهة الاختصاص في بيان حكم الدِّين في كل ما يحدُث أو يقع من قضايا أو مسائل.
ومع تظاهرهم الشديد باحترام الأزهر - وهم كاذبون - فقد أعرضوا عنه؛ بل وتطاولوا عليه، واستهزؤوا بعلمائه!
ومرة أخرى يصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بيانًا بشأن مؤتمر السكان الدولي، ويحذِّر المسلمين من شرِّه، فتقف العلمانية في وجه الأزهر، وتصف هذا البيان بأنه منشورات، كأن الأزهر قد أصبح جماعة متطرفة يجب القضاء عليها!

وهم الآن يرفعون شعارين يحاربون بهما الإسلام:
الأول منهما: الدعوة إلى حرية الرأي في الدين:
وحقيقة الأمر أنهم يهدفون إلى الطعن في الدين، والصد عن سبيله بأقلامهم وألسنتهم، ولأنهم لا يستطيعون الإعلان عن ذلك؛ حتى لا ينكشف أمرُهم، ولا يفتضح مكنون صدورهم؛ فهم يبالغون في الدعوة إلى حرية الرأي في الدين.
وقد كتبوا في الآونة الأخيرة كلامًا، هو الكفر بعينه:
قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ 118 آل عمران.
وأما الثاني: فدعوة خبيثة إلى عدم احترام العلماء، وإسقاط هيبتهم من نفوس المسلمين، والهدف هو القضاء على الدين من خلال علمائه؛ بالتقليل من شأنهم، والحط من قدرهم، والعلماء هم قادة الأمة، وسراجها المنير؛ ولكن هؤلاء لا يعلمون!
وأما الحقيقة الأخيرة، فهي:
أن العلمانية في مصر تعمل في خطين متوازيين، هما:
♦ إفساد العقول؛ بنشر الفكر المنحرف، ومحاربة التدين.
♦ إفساد الأخلاق؛ بنشر الإباحية، ومحاربة الحجاب.
إن التحذير من العلمانية واجبٌ على كل مسلم ومسلمة، كلٌّ بقدر استطاعته وطاقته، والحذر من مخطط هدم الدين، ومؤامرة القضاء عليه قد أصبح أمرًا مفروضًا، وضرورة شرعية.
نسأل الله أن يجمعنا على الحق، وأن ينصرنا به، وأن ينصره بنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أسئلة حول العلمانية ؟

المذاهب الفكرية المعاصرة

أسئلة حول العلمانية ؟

شامل عبد العزيز - مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي
http://www.ssrcaw.org

بما أن العلمانية بتعريفها البسيط هي : عملية فصل الدين عن الدولة أو ( السياسة ) .
وبما أن الجدل الدائر في مواقع علمانية كثيرة لا زال مستمراً ولم يفض الاشتباك بالرغم من وضوح الأمر عند الغالبية لمفهوم العلمانية إلا أن البعض لا زال مستمراً في توضيح مفهوم العلمانية انطلاقاً من الدفاع عن الإسلام باعتبار أن كتابات بعض العلمانيين فيها الكثير من الإساءة لهذا الدين .
هذه المحاولة من قبل هؤلاء السادة كتاباً وأصحاب تعليقات أراها من وجهة نظري المتواضعة خلط للأوراق وضبابية في الرؤية .
السؤال الجوهري الأول هو :
هل رأي كاتب أو مجموعة كُتاب أو مجموعة تعليقات حول مفهوم العلمانية يمثل برأي هؤلاء السادة رأي الإسلام ؟ لا أعتقد ذلك .. لماذا ؟ سوف نتناول الجواب بعد أن نقول :
ما هو رأي الإسلام بالعلمانية؟
هل يوجد رأي واضح حول مفهوم العلمانية عند ألمسلمين من أهل الاختصاص أو حتى العوام؟ وما هو هذا الرأي ؟
حرام – حلال – يجوز – لا يجوز.
أنا على يقين أن جميع رجال الدين المسلمين وبغض النظر عن مسمياتهم يعتبرون العلمانية كفر بواح ومن وراءهم أكثر من مليار مسلم ..
أنا على يقين أن جميع رجال الدين المسلمين وبغض النظر عن مسمياتهم يعتبرون العلمانية كفر بواح ومن وراءهم أكثر من مليار مسلم ..
نعود للإجابة :
سوف يكون الجواب عن السؤال المطروح أعلاه هو :
( علاقة الدين الإسلامي بالسياسة .. بل علاقة كل دين منزلاً كان أم وثنياً علاقة قديمة قدم الدين نفسه ... فالإسلام في العقل الجمعي للمسلمين .. دين ودنيا - إيمان وسياسة – إدارة الحياة الدنيا والآخرة معاً – وأول خلاف سياسي في الإسلام هو انقسام العرب المسلمين حول من سيخلف النبي محمد بعد وفاته مباشرة ) انتهى .
سوف نسأل ؟ أليس مؤتمر السقيفة وما جرى فيه دليل على صحة ما ذهب إليه باحثنا شرف الدين.
أليست هذه هي السياسة بعينها . من سيخلف .. ومن سيحكم .. هل هذه المسميات سياسة أم لا ؟
المجتمعات التي استطاعت أن تفصل الدين عن الدولة أو السياسة ووضعت الدين في المكان المخصص له والمناسب سارت ولا تزال تسير في طريقها وسوف لن يقف أمامها أي عائق ليحول ما بينها وبين ما بدأت به والذي من خلاله حققت أحلامها وأحلام شعوبها ..
بالمقابل أيضاً من هو الذي يقرر في مجتمعاتنا الفصل بين الدين والدولة أو ( السياسة )؟
هل ما نكتبه على صفحات العلمانيين حول مفهوم العلمانية هو الحل لذلك القرار أو لذلك الفصل ... هذا هو السؤال الجوهري الثاني ؟
الإسلام دين يتمثل بالقرآن أولاً وبالأحاديث ثانياً ...
المسلم سوءاً أكان حاكماً أم محكوماً – غنياً أم فقيراً – عبداً أم حراً – رجلاً أم امرأة - لا بد أن يمتثلوا جميعاً لتعاليم الإسلام لأفرق في ذلك بين أي مسمى من المسميات ... وبعكسه فإن اللعنة والعذاب على من شذ عن هذه التعاليم ..
أية محاولة للتقريب من قبل البعض بأن الإسلام قد قال :
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا29 سورة الكهف
على أساس أن هذه الآية تعتبر من باب الحرية الدينية فأنا أقول بان محاولاتهم ذهبت وتذهب أدراج الرياح وأنهم لا يعرفون عن الإسلام الشيء الكثير. فالقرآن فيه أحكام وفيه ناسخ ومنسوخ وفيه تدرج وفيه أحكام نهائية لا يستطيع أي إنسان مها بلغ شأنه أن يخرج عن هذه المسميات وإلا فإن الحكم بحقه جاهز ولا يحتاج سوى التنفيذ .
ما معنى أن نقرأ ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ثم تأتي آية أخرى تقول :
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ 85 سورة آل عمران

هل لديكم جواب ؟ وهل جوابكم هو رأي الإسلام أم رأيكم الشخصي ؟ وشتان بين الرأيين ..
القرآن دستورنا .. هذا هو شعار الإسلام ومن يقول عكس ذلك أقول مرة ثانية فهو لا يعرف عن الإسلام الشيء الكثير. أكثر من مليار وثلاثمائة مليون يؤمنون بهذا الشعار .
يقول بعض المدافعين عن الإسلام أن هذا الشعار هو شعار الإسلام السياسي . وأنا أقول له أن الإسلام سياسة يتدخل في حياة المرء بكل صغيرة وكبيرة ويقول غالبية المسلمون أنه صالح لكل زمان ومكان . فلا نخدع أنفسنا بشعارات براقة من أجل غايات معينة ..
إذا استطاع المسلمون وبالإجماع الاتفاق على أن الدين شأناً فردياً وعملية محصورة بين الخالق والمخلوق لا يحق لأحد أن يتدخل فيه عند ذلك سوف نكون مجتمعات علمانية .
في الغرب الأمر مختلف جداً ولسبب بسيط هو :
( أنهم تناولوا المسألة الدينية تناولاً علمانياً بحتاً وأخضعوا كل ما هو ديني وروحي وغيبي إلى آليات تحليل عقلانية تنفي من المبدأ التصورات الغيبية ) ( عبد الباقي الهرماسي . أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية ) .( بتصرف ) .
بالنسبة لنا نحنُ المسلمون ( تحت أي مسمى ) من يستطيع أن يتناول المسألة الدينية تناولاً علمانياً بحتاً وكيف ؟ بحيث تنقاد الشعوب خلفه ونتخلص من شعار ( القرآن دستورنا ) .
هذا هو السؤال الجوهري الثالث ؟
يبدو أن الأبواب مؤصدة ؟ أو أنني أوصدتها على الجميع ؟
إذن ما هو الحل ؟
نعود لمحاضرة الهرماسي وننقل عنه :
( بالنظر إلى أهم حدث اجتماعي وثقافي في الأزمة الحديثة ألا وهو : علمنة الثقافة .. أي تلك العمليات والآليات الفكرية والعلمية التي أخرجت الهياكل الثقافية من فضائها التقليدي إلى فضاء حديث أساسه العلمانية ) .
( ويمكن اختصار مفهوم العلمنة أولاً في نزع القداسة من أي موقف تجاه الأشخاص والأشياء .. أي الامتناع عن ذلك النوع من الالتزام العاطفي الذي كثيراً ما يرتبط بالاستجابة الدينية تجاه ما هو مقدس ) .
( وثانياً في عقلنة الفكر : أي تغليب الموقف المعرفي والتفكير المنطقي على النزوعات العاطفية في تنظيم الأفكار والتصورات ...) .
( إن عملية علمنة الثقافة بما تتضمنه من إزاحة للقداسة وبما تتضمنه من عقلنة تعني فيما تعني أن التصور الديني للعالم لم يعد الإطار المرجعي الأساسي للفكر ... كما تعني أن هناك تصوراً أخراً للعالم خالياً من كل ما هو مقدس ومتكون من عناصر قابلة للتركيب والاستعمال قد أزاحه وأخذ مكانه ) انتهى .
ما أوردناه عن الأستاذ الهرماسي : هل يوافق عليه المسلمين ؟ مثقفين وغير مثقفين – أصحاب شهادات أم باعة متجولون ؟ من يقبل بهكذا طرح ؟ هل لديكم الإجابة ؟
أليست هذه هي العلمانية المطلوبة ؟ أم لا زلنا في حيص بيص من أمرنا ؟ علماً بأن حيص بيص شاعر كبير وتعني في معناها ( الشدة والاختلاط ) إذا لم تخوني ذاكرتي .
الكتابة عن العلمانية من وجهة نظر البعض والتي معناها بمفهومهم عدم التعرض للدين لا تعتبر علمانية .. لماذا ؟ الجواب كما أوردناه سابقاً عن الأستاذ الهرماسي . وهو نزع القداسة .
كيف يتسنى لكاتب أن يكتب عن مفهوم العلمانية دون أن يتعرض بالنقد للدين ؟ بمعنى أخر :
هل تعتبر عملية عدم التعرض للدين بالنقد علمانية ؟
السادة الكتاب الذين يعتبرون أنفسهم علمانيين ويدافعون عن الدين نستطيع أن نقول عنهم متناقضين . هذا بالإضافة إلى أنهم في رأي الإسلام يصنفون ضمن خانة الكفار..
ليس هناك مسلم علماني . قد يبدو هذا الأمر غريباً بعض الشيء ولكن لو تحققنا من الأمر لوجدناه صحيحاً .
المقصود بالمسلم هنا : المولود من أبوين مسلمين وملتزم بشروط الإسلام نصاً وروحاً فهذا من المستحيل أن يكون علمانياً لان العلمانية والإسلام على طرفي نقيض ولا يجوز الجمع بين المتناقضات .
أما المسلم المولود من أبوين مسلمين وغير ملتزم بشروط الإسلام ( مثل الكاتب المبدع شامل بن عبد العزيز ) فمن الممكن أن يكون علمانياً أو أي مسمى أخر ..
هذه أسئلة جوهرية نراها من وجهة نظرنا المتواضعة ..
متى ما استطعنا أن نفهم معنى العلمانية على حقيقتها دون تعصب ودون ادعاء عند ذلك سوف نكون قد وضعنا أرجلنا على الطريق الصحيح .

أسباب ظهور العلمانية وآثارها في الغرب

المذاهب الفكرية المعاصرة

أسباب ظهور العلمانية وآثارها في الغرب


أسباب ظهور العلمانية وظروف نشأتها في الغرب ويشتمل على ما يلي:
أولاً: طغيان رجال الكنيسة:
لقد عاشت أوروبا في القرون الوسطى فترة قاسية، تحت طغيان رجال الكنيسة وهيمنتهم، وفساد أحوالهم، واستغلال السلطة الدينية لتحقيق أهوائهم، وإرضاء شهواتهم، تحت قناع القداسة التي يضفونها على أنفسهم، ويهيمنون بها على الأمة الساذجة، ثم اضطهادهم الشنيع لكل من يخالف أوامر أو تعليمات الكنيسة المبتدعة في الدين، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، حتى لو كانت أموراً تتصل بحقائق كونية تثبتها التجارب والمشاهد العلمية.
وقد شمل هيمنة الكنيسة النواحي الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والعلمية، وفرضت على عقول الناس وأموالهم وتصرفاتهم وصاية لا نظير لها على الإطلاق وسنعرض إلى شيء من ذلك بإيجاز:
أ - الطغيان الديـني:
1- إنَّ الإيمان بالله الواحد الأحد، الذي لا إله غيره ولا معبود بحق سواه، وإن عيسـى عبد الله ورسـوله، قـد تـحول في عقيـدة النصـارى إلى إيـمان بالـه مثلث يتجسد،أويحلُّ بالإنسان ذي ثلاثة أقانيم (الأب والابن ورح القدس).
وذلك أنه منذ مجمع نيقية سنة 325م والكنيسة تمارس الطغيان الديني والإرهاب في أبشع صوره، ففرضت بطغيانها هذا عقيدة التثليث قهراً، وحرّمت ولعنت مخالفيها، بل سفكت دماء من ظفرت به من الموحدين، وأذاقتهم صنوف التعذيب وألوان النكال.
وتتفق المصادر على أن اليد الطولى في تحريف العقيدة النصرانية تعود إلى بولس "شاؤل" اليهودي، وهـو الذي أثار موضوع ألوهية المسيح لأول مرة مدعياً أنه ابن الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
2- والعبادات قد دخلت فيها أوضاع بشرية كنسية مبتدعة، وهذه المبتدعات حمّلها النصارى مفاهيم غيبية، وفسّروها بأن لها أسراراً مقدسة، وجعلوا لها طقوساً تُمارس في مناسباتها، ويجب احترامها والتقيد بها.
3- والأحكام التشريعية معظمها أوامر وقرارات كنسية بابوية، ما أنزل الله بها من سلطان، وهى تُحلّلُ وتُحرِّم من غير أن يكون لها مستند من كتاب الله، أو من سنة رسوله عليه الصلاة والسلام .
ونصّبت الكنيسة نفسها عن طريق المجامع المقدسة "إلهاً" يُحلُّ ويُحرِّمُ، ينسخُ ويضيف، وليس لأحد حق الاعتراض، أو على الأقل حق إبداء الرأي كائناً من كان، وإلا فالحرمان مصيره، واللعنة عقوبته؛ لأنه كافر ((مهرطق)) .
وقد كان الختان واجباً فأصبح حراماً، وكانت الميتة محرمة فأصبحت مباحة، وكانت التماثيل شركاً ووثنية فأصبحت تعبيراً عن التقوى، وكان زواج رجال الدين حلالاً فأصبح محظوراً، وكان أخذ الأموال من الأتباع منكراً فأصبحت الضرائب الكنسية فرضاً لازماً، وأمورٌ كثيرة نقلتها المجامع من الحل إلى الحرمة أو العكس دون أن يكون لديها من الله سلطان، أو ترى في ذلك حرجاً.
وأضافت الكنيسة إلى عقيدة التثليث عقائد وآراء أخرى تحكم البديهة باستحالتها ولكن لا مناص من الإيمان بها والإقرار بشرعيتها على الصورة التي توافق هوى الكنيسة .

العلمانية

المذاهب الفكرية المعاصرة


العلمانية


تعريف العلمانية:
العلمانية هي ترجمة محرفة لكلمة إنجليزية تعني اللادينية، والمقصود بها فصل الدين عن توجيه الحياة العامة، وحصره في ضمير الإنسان وتعبداته الشخصية ودور العبادة فقط.
هدف العلمانية في العالم الإسلامي: هدف العلمانية الأكبر هو جعل الأمة الإسلامية تابعة للغرب سياسيا وثقافيا وأخلاقيا واقتصاديا، وعزل دين الإسلام عن توجيه حياة المسلمين.
أهم وسائلها: أهم وسائل العلمانية ثلاث:
1ـ إقصاء الشريعة الإسلامية ليزول عن المسلمين الشعــور بالتميز والاستقلالية، وتتحقق التبعية للغرب.
2ـ تفريق العالم الإسلامي ليتسنى للغرب الهيمنة السياسية عليه وذلك بربطه بمؤسساته السياسية وأحلافه العسكرية.
3ـ زرع العالم الإسلامي بصناع القرار ورجال الإعلام والثقافة من العلمانيين، ليسمحوا بالغزو الثقافي والأخلاقــي أن يصل إلى الأمة الإسلامية برجال من بني جلدتها، ويتكلمون بلسانها.
ثالوث العلمانية المقدس:
يؤمن العلمانيون بثلاثة مبادئ تمثل أهم أفكارهم وهي:
1ـ فصل الدين عن الحياة ولا مانع من توظيفه أحيانا في نطاق ضيق.
2ـ قصر الاهتمام الإنساني على الحياة المادية الدنيوية.
3ـ إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية لا دينية.
متى نشأت العلمانية:
نشأت العلمانية بصورة منظمة مع نجاح الثورة الفرنسية التي قامت على أسس علمانية.
متى وصلت العالم الإسلامي:
وصلت العلمانية إلى العالم الإسلامي مع الاستعمار الحديث، فقد نشـر المستعمرون الفكر العلماني في البلاد الإسلامية التي احتلها، بإقصاء الشريعة الإسلامية ونشر الثقافة العلمانية ومحاربة العقيدة الإسلامية.
حكم العلمانية:
العلمانية تعني أن يعتقد الإنسان أنه غير ملزم بالخضوع لأحكـام الله في كل نواحي الحياة، ومن اعتقد هذه العقيدة فهو كافـر بإجمــاع العلماء، قال تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هـــم الكافرون) وقال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيمــا شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
هل للعلمانية مستقبل في العالم الإسلامي ؟
العلمانية محكوم عليها بالفشل والانقراض في العالم الإسلامي، لان الله تعالى تكفل بظهور دين الإسلام وبقاءه إلى يوم القيامة وتجديده، فلا يمكن لأحد أن يمحوه إلى الأبد، قال تعالى:
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) سورة التوبة


واليكم هذا البحث لمن يريد الزيادة :

رأي الدين في العلمانية

موقع الشيخ الدكتور سفر الحوالي كتب ومؤلفات العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة الباب الخامس: حكم العلمانية في الإسلام
http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.ShowContent&ContentID=1&FullContent=1


فتوى للقرضاوي " حكم الشيوعي في الإسلام "

المذاهب الفكرية المعاصرة


فتوى للقرضاوي " حكم الشيوعي في الإسلام "



من الواجب علينا - قبل إجابتنا على هذا السؤال - أن نقدم نبذة موجزة عن موقف الشيوعية من الدين، لكي يكون المستفتي على بصيرة من الأمر.
الشيوعية مذهب مادي، لا يعترف إلا بكل ما هو مادي محس، ويجحد كل ما وراء المادة، فلا يؤمن بالله، ولا يؤمن بالروح، ولا يؤمن بالوحي، ولا يؤمن بالآخرة، ولا يؤمن بأي نوع من أنواع الغيب، وبهذا ينكر الأديان جملة وتفصيلاً، ويعتبرها خرافة من بقايا الجهل والانحطاط والاستغلال.
وفي هذا قال مؤسس الشيوعية كارل ماركس كلمته المعروفة: الدين أفيون الشعوب، وأنكر على الذين قالوا: إن الله خلق الكون والإنسان فقال متهكمًا: إن الله لم يخلق الإنسان، بل العكس هو الصواب، فإن الإنسان هو الذي خلق الله . أي اخترعه بوهمه وخياله.
وقال لينين: إن حزبنا الثوري لا يمكن أن يقف موقفًا سلبيًا من الدين، فالدين خرافة وجهل.
وقال ستالين: نحن ملحدون، ونحن نؤمن أن فكرة " الله " خرافة، ونحن نؤمن بأن الإيمان بالدين يعرقل تقدمنا، ونحن لا نريد أن نجعل الدين مسيطرًا علينا لأننا لا نريد أن نكون سكارى.
هذا هو رأي الشيوعية وزعمائها في الدين، ولهذا لم يكن غريبًا أن نرى دستور الحزب الشيوعي ودستور الشيوعية الدولية يفرضان على كل عضو في الحركة الشيوعية أن يكون ملحدًا، وأن يقوم بدعاية ضد الدين . ويطرد الحزب من عضويته كل فرد يمارس شعائر الدين، وكذلك تنهي الدولة الشيوعية خدمات كل موظف يتجه هذا الاتجاه.
ولو صح جدلاً أن شيوعيًا أخذ من الشيوعية جانبها الاجتماعي والاقتصادي فقط، دون أساسها الفكري العقائدي - كما خيل للبعض وهو غير واقع ولا معقول - لكان هذا كافيًا في المروق من الإسلام والارتداد عنه، لأن للإسلام تعاليم محكمة واضحة في تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية ينكرها النظام الشيوعي إنكارًا، كالملكية الفردية والميراث والزكاة، وعلاقة الرجل بالمرأة . . . إلخ . . وهذه الأحكام مما علم بالضرورة أنه من دين الإسلام، وإنكاره كفر بإجماع المسلمين.
هذا إلى أن الشيوعية مذهب مترابط، لا يمكن الفصل بين نظامه العملي وأساسه العقائدي والفلسفي بحال.
وإذا كان الإسلام لم يجز للمسلمة أن تتزوج بأحد من أهل الكتاب - نصراني أو يهودي - مع أن الكتابي مؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر في الجملة، فكيف يجيز أن تتزوج رجلاً لا يدين بألوهية ولا نبوة ولا قيامة ولا حساب؟.
إن الشيوعي الذي عرفت شيوعيته يعتبر في حكم الإسلام مارقًا مرتدًا زنديقًا، فلا يجوز بحال أن يقبل أب مسلم زواجه من ابنته، ولا أن تقبل فتاة مسلمة زواجها منه وهي ترضى بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولا، وبالقرآن إمامًا.
وإذا كان متزوجًا من مسلمة وجب أن يفرق بينه وبينها، وأن يحال بينه وبين أولاده، حتى لا يضلهم، ويفسد عليهم دينهم.
وإذا مات هذا مصرًا على مذهبه فليس بجائز أن يغسل، أو يصلى عليه، أو يدفن في مقابر المسلمين.
وبالجملة يجب أن تطبق عليه في الدنيا أحكام المرتدين والزنادقة في شريعة الإسلام، وما ينتظره من عقاب الله في الآخرة أشد وأخزى (... وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة 217.

حكم الانتماء إلى الشيوعية - فتوى المجمع الفقهي

المذاهب الفكرية المعاصرة


حكم الانتماء إلى الشيوعية - فتوى المجمع الفقهي



الدرر السنية
http://www.dorar.net/enc/mazahib/1070

وبعد أن تبين لنا أن الشيوعية مذهب كفري باطل، بل يعد أحط المذاهب الكفرية على مدار التاريخ- نأتي إلى حكم الانتماء إلى ذلك المذهب من خلال فتوى المجمع الفقهي الإسلامي، فلقد عرض موضوع الشيوعية على مجلس المجمع في دورته الأولى المنعقدة في 10- 17/8/1398هـ. وبعد أن استعرض المجلس ذلك الموضوع أصدر فيه قراراً بيَّن فيه حكم الشيوعية والانتماء إليها، وهذا نصه :
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي درس فيما درسه من أمور خطيرة (موضوع الشيوعية والاشتراكية) وما يتعرض له العالم الإسلامي من مشكلات الغزو الفكري على صعيد كيان الدول، وعلى صعيد نشأة الأفراد وعقائدهم، وما تتعرض له تلك الدول والشعوب معاً من أخطار تترتب على عدم التنبه إلى مخاطر هذا الغزو الخطير.
ولقد رأى المجمع الفقهي أن كثيراً من الدول في العالم الإسلامي تعاني فراغاً فكرياً، وعقائدياً خاصة أن هذه الأفكار والعقائد المستوردة قد أُعِدَّت بطريقة نفذت إلى المجتمعات الإسلامية، وأحدثت فيها خللاً في العقائد، وانحلالاً في التفكير والسلوك، وتحطيماً للقيم الإنسانية، وزعزعة لكل مقومات الخير في المجتمع.
وإنه ليبدو واضحاً جلياً أن الدول الكبرى على اختلاف نظمها واتجاهها قد حاولت جاهدة تمزيق شمل كل دولة تنتسب للإسلام؛ عداوة له، وخوفاً من امتداده، ويقظة أهله.
لذا ركزت جميع الدول المعادية للإسلام على أمرين مهمين: هما العقائد والأخلاق؛ ففي ميدان العقائد شجعت كل من يعتنق المبدأ الشيوعي المعبر عنه مبدئياً عند كثيرين بالاشتراكية، فجندت له الإذاعات والصحف، والدعايات البراقة والكتّاب المأجورين، وسمَّته حيناً بالحرية، وحيناً بالتقدمية، وحيناً بالديمقراطية، وغير ذلك من الألفاظ.
وسَمَّتْ كل ما يضاد ذلك من إصلاحات ومحافظة على القيم والمثل السامية والتعاليم الإسلامية - رجعية، وتأخراً وانتهازية، ونحو ذلك.
وفي ميدان الأخلاق دعت إلى الإباحية، واختلاط الجنسين، وسمت ذلك -أيضاً- تقدماً، وحرية، فهي تعرف تمام المعرفة أنها متى قضت على الدين والأخلاق فقد تمكنت من السيطرة الفكرية والمادية والسياسية.
وإذا ما تم ذلك لها تمكنت من السيطرة التامة على جميع مقومات الخير والإصلاح، وصرَّفتها كما تشاء، فانبثق ذلك الصراع الفكري، والعقائدي والسياسي، وقامت بتقوية الجانب الموالي لها، وأمدته بالمال، والسلاح والدعاية؛ حتى يتمركز في مجتمعه، ويسيطر على الحكم، ثم لا تسأل عما يحدث بعد ذلك من تقتيل وتشريد، وكبت للحريات، وسجن لكل ذي دين، أو خلق كريم.
ولهذا لما كان الغزو الشيوعي قد اجتاح دولاً إسلامية لم تتحصن بمقوماتها الدينية والأخلاقية تجاهه، وكان على المجمع الفقهي في حدود اختصاصه العلمي والديني أن ينبه إلى المخاطر، والتي تترتب على هذا الغزو الفكري، والعقائدي والسياسي الخطير الذي يتم بمختلف الوسائل الإعلامية والعسكرية وغيرها - فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة يقرر ما يلي:
يرى مجلس المجمع لفت نظر دول وشعوب العالم الإسلامي إلى أنه من المسلَّم به يقيناً أن الشيوعية منافية للإسلام، وأن اعتناقها كفر بالدين الذي ارتضاه الله لعباده، وهي هدم للمثل الإنسانية، والقيم الأخلاقية، وانحلال للمجتمعات البشرية.
والشريعة المحمدية هي خاتمة الأديان السماوية، وقد أنزلت من لدن حكيم حميد؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهي نظام كامل للدولة سياسياً، واجتماعياً، وثقافياً، واقتصادياً، وستظل هي المعول عليها - بإذن الله - للتخلص من جميع الشرور التي مزقت المسلمين، وفتت وحدتهم، وفرقت شملهم، سيما في المجتمعات التي عرفت الإسلام، ثم جعلته وراءها ظهرياً.
لهذا وغيره كان الإسلام بالذات هو محل هجوم عنيف من الغزو الشيوعي الاشتراكي الخطير؛ بقصد القضاء على مبادئه، ومثله، ودوله.
لذا فإن المجلس يوصي الدول والشعوب الإسلامية أن تتنبه إلى وجوب مكافحة هذا الخطر الداهم بالوسائل المختلفة، ومنها الأمور الآتية:
1- إعادة النظر بأقصى السرعة في جميع برامج ومناهج التعليم المطبقة حالياً فيها بعد أن ثبت أنه قد تسرب إلى بعض هذه البرامج والمناهج أفكار إلحادية وشيوعية مسمومة مدسوسة تحارب الدول الإسلامية في عقر دارها، وعلى يد نفرٍ من أبنائها من معلمين، ومؤلفين، وغيرهم.
2- إعادة النظر بأقصى السرعة في جميع الأجهزة في الدول الإسلامية، وبخاصة في دوائر الإعلام والاقتصاد والتجارة الداخلية، والخارجية وأجهزة الإدارات المحلية من أجل تنقيتها وتقويمها، ووضع أسسها على القواعد الإسلامية الصحيحة التي تعمل على حفظ كيان الدول والشعوب، وإنقاذ المجتمعات من الحقد، والبغضاء وتنشر بينهم روح الأخوة، والتعاون، والصفاء.
3- الإهابة بالدول والشعوب الإسلامية أن تعمل على إعداد مدارس متخصصة، وتكوين دعاة أمناء؛ من أجل الاستعداد لمحاربة هذا الغزو بشتى صوره، ومقابلته بدراسات عميقة ميسرة لكل راغب بالاطلاع على حقيقة الغزو الأجنبي ومخاطره من جهة، وعلى حقائق الإسلام وكنوزه من جهة أخرى.
ومن ثمَّ فإن هذه المدارس، وأولئك الدعاة كلما تكاثروا في أي بلد إسلامي يرجى أن يقضوا على هذه الأفكار المنحرفة الغريبة.
وبذلك يقوم صف علمي عملي منظم واقعي؛ من أجل التحصن ضد جميع التيارات التي تستهدف هذه البقية من مقومات الإسلام في نفوس الناس.
كما يهيب المجلس بعلماء المسلمين في كل مكان، وبالمنظمات والهيئات الإسلامية في العالم أن يقوموا بمحاربة هذه الأفكار الإلحادية الخطيرة التي تستهدف دينهم، وعقائدهم، وشريعتهم، وتريد القضاء عليهم وعلى أوطانهم وأن يوضحوا للناس حقيقة الاشتراكية، والشيوعية، وأنها حرب على الإسلام.
والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الرئيس/ عبدالله بن محمد بن حميد.
نائب الرئيس/ محمد بن على الحركان.
الأعضاء:
1- عبد العزيز بن عبد الله بن باز. 2- محمد محمود الصواف.
3- صالح بن عثيمين. 4- محمد بن عبد الله بن سبيل.
5- محمد رشيد قباني. 6- مصطفى الزرقاء.
7- محمد رشيدي. 8- عبد القدوس الهاشمي الندوي.
9- أبو بكر جومي.


لمزيد من المعرفة عن الشيوعية :
http://www.dorar.net/enc/mazahib/1022

الشيوعية

المذاهب الفكرية المعاصرة


الشيوعية

الشيوعية مذهب فكري يقوم على الإلحاد وأن المادة هي أساس كل شيء ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي. ظهرت في ألمانيا على يد ماركس وإنجلز، وتجسدت في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة 1917م بتخطيط من اليهود، وتوسعت على حساب غيرها بالحديد والنار. وقد تضرر المسلمون منها كثيراً، وهناك شعوب محيت بسببها من التاريخ، ولكن الشيوعية أصبحت الآن في ذمة التاريخ، بعد أن تخلى عنها الاتحاد السوفيتي، الذي تفكك بدوره إلى دول مستقلة، تخلت كلها عن الماركسية، واعتبرتها نظرية غير قابلة للتطبيق.وقد ذكر في الموسوعة العربية الميسرة : "أن الشيوعية مصطلح يصعب تحديد معناه "، وبعد أن ذكرت تلك الموسوعة أن الشيوعية نظام اجتماعي تكون فيه الملكية في يد المجتمع قالت: "والشيوعية بهذا المعنى قديمة قدم المجتمع نفسه ".وهذا كذب محض فإن هذا التعبير من الدسائس التي احتوت عليها هذه الموسوعة متأثرة بما لفقه زعماء الشيوعية من أن المجتمعات في القديم كانت بدائية وكانت الملكية فيها مشاعة بين الجميع في شكل اكتفاء ذاتي يتقاسم أفراده السلع والخدمات نظرا لظروفهم الخاصة القاسية التي تحتم عليهم ذلك كما هو الحال على الخصوص في المجتمعات التي تعيش على قنص الحيوان، بزعمهم.
لقد قامت الشيوعية الماركسية كالمارد الجبار تريد أن تقيم مجدا زائفا على أنقاض الديانات الإلهية كلها وإحلال الديانات الوضعية البشرية مكانها شعارهم "لا إله والحياة مادة" هدفهم هدم الأديان وإعلاء اليهودية، ومع أن شعارهم " لا إله " فهو شعار كاذب فقد أحل طغاة الشيوعية أنفسهم محل الإله العظيم وأحلوا تعاليمهم الإلحادية محل الدين وقوانينهم محل الشريعة فقد احتوت الشيوعية على جميع نواحي الحياة من ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية بل وكل ناحية في حياة البشر بدلا عن الإله وعن الأديان وكافة النظم البشرية.
وإذا كانت السمة الظاهرة للناس أن الشيوعية لا شأن لها بأية ناحية غير الناحية الاقتصادية وأن مهمتها خدمة الشعوب لكي تعيش في جنة عالية قطوفها دانية إذا طبقوا التعاليم الماركسية الجهنمية التي زعم أقطابها أن البشر سيعيشونها في يوم ما وسيحكمون أنفسهم بأنفسهم، لا عداوة، ولا فقر، ولا جهل.. إلخ فإن هذه السمة الظاهرة هي ترهات الشيوعية وخدعها التي نجحت على كثير من البشر فأصبحوا ضحايا خاسرة للشيوعية ومبادئها الجوفاء.
ولقد تظاهرت الشيوعية بذلك لتعمل في الخفاء وبعيدا عن الأنظار لما قامت من أجله من تحقيق أحلام اليهود وليس تحقيق أحلام الفقراء فزعموا للناس أنهم ركبوا كل صعب وذلول للاهتمام بالنواحي الاقتصادية أولا وأخيرا وأن كل ما يصدر عن هذا الفكر من سلوك وتقنين إنما هو تابع لتحقيق هذا الجانب لا غيره وسيتبين إن شاء الله أثناء الرد عليهم أن هذا الزعم أصبح سرابا كاذبا وهباء في مهب الريح ويعبرون عن هذه الظاهرة بالمادة، التي صارت هي المعبود والنظام والتاريخ وأقطاب الشيوعية كما هو معروف كانوا نصارى في الأساس وأغلبهم يهود وقد وصفوا نظريتهم الإلحادية " بالمادية " وجعلوها محور كل شيء في الوجود والتاريخ أقاموه على " التفسير المادي للتاريخ " فكل مظاهرهم إنما هي تابعة لتصورهم المادي كما أن مظاهر الفرويدية كلها متوجهة نحو الجنس وكلتا النظريتين موجهتين بدقة من قبل الماسونية اليهودية للقضاء على كل ما عند الجوييم – كما يسميهم اليهود – ليصبحوا حميرا لشعب الله المختار كما تمنيهم بذلك تعاليم التوراة المحرفة والتلمود الجهنمي المملوء حقدا على جميع البشر ما عدا اليهود.
وكان "ماركس" قد تضلع من دراسة الحضارة الإغريقية الرومانية في الوقت الذي كانت فيه تعاليم المسيحية المحرفة تتهاوى إلى الحضيض وتداس تحت أقدام أولئك الذين خرجوا عن طغيانها الذي لا حد له وعن صلاحيات البابوات ورجال الدين التي لا نهاية لها وفي الوقت الذي نشط فيه دهاة الماسونية ومنهم كارل ماركس لتحطيم كل حضارات العالم وإقامة هيكل سليمان الذي هو نصب أعين اليهود كلهم.
ظهرت الماركسية لتجعل الإنسان هو مصدر كل سلوك ومعرفة هو الإله المشرع وهو الخالق المبدع وهو كل شيء وليس وراءه أي شيء فلا وجود للإله الذي مارس طغاة الكنيسة كل جبروتهم باسمه ولا أديان تضطهد اليهودية واليهود ولا حياة أخرى هي مصدر الخلاص إذا كان الشخص يملك صك غفران عن البابا، بل الإنسان هو الإله والدنيا هي غاية الإنسان عليها ليسعد أو يشقى ولا عبرة بما قالته الأديان الإلهية من وجود قوة أخرى غير الإنسان أو حياة أخرى غير هذه الحياة، بل إن ما وراء الطبيعة من المغيبات إن هو إلا سراب يجب أن يختفي أمام الحضارة اللادينية العاتية عالم المحسوسات التي لا تؤمن الشيوعية الملحدة إلا به وحده معللة لوجود هذا الكون ونشأته. ونشأة التدين عند الإنسان بخرافات كاذبة خيالية لا يسندها عقل ولا منطق، الكون تجمع من ذرات والإنسان أصله قرد.. الخ.
ومن العجيب أنهم يسمون هذه التخيلات المفتراة على البشرية التي تنافي ما أكرمهم به الله من حفظ ورعاية ومعرفة بأمور دينهم ودنياهم العجيبة، أنهم يسمونها حقائق ويدافعون عنها كأنهم عايشوها من أول يوم عرفت فيه البشرية ومن كذبهم في هذا فإن نبزه بالرجعية والتخلف أمر جاهز في قواميسهم التي لا تتورع عن هدر أعراض الناس ودماءهم أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ[الزخرف:19].
وهو رجم بالغيب وظلم للبشرية وتصديق لأقوال الكذابين أمثال "ماركس"، و "دارون"، و "فرويد" وغيرهم من أشرار البشر الحاقدين.
وقد ساعد على تعميق الإلحاد الشيوعي تلك النظريات الكثيرة والشبه التي سموها حقائق لمعرفة هذا الكون وقيامه على القوانين التي عرفت أخيرا مثل قانون الجاذبية الذي أرسى كل شيء في الوجود في مكانه وقانون تجمع أجزاء المادة التي انفجر عنها هذا الكون وغير ذلك مما زعموه مؤيدا لنظريتهم الملحدة فحجبت تلك المفاهيم – الخاطئة للشيوعية والنصرانية – العقل عن التعلق بموجد لهذا الكون، وأن مجرد التفكير فيه يعد رجعية ولهذا – كما سمعنا – أن الروس قتلوا العائدين من سطح القمر في أول رحلة فضائية لأنهم أيقنوا أن لهذا الكون موجدا وما إن أطل القرن التاسع عشر الميلادي إلا وقد ظهر قرن الشيطان وساد القول بسيادة الطبيعة على الدين والعقل فهي الحاكم المطلق والإله الذي لا ينازع وقد تولى كبرها "أوجست كونت "، و "فرباخ"، و "ماركس"، و "انجلا" بدافع قوي من الحقد الشديد على رجال الدين الكنسي الذي يمثل حسب تعليلهم قوة ما وراء الطبيعة من الأمور المغيبة والروحية التي اعتبروها وهما وخداعا لا حقيقة له لعدم اندراجها تحت قوة الإحساس والإدراك المباشر وأن الالتجاء إلى ذلك الغيب إنما نتج عن الوراثة والبيئة والحياة الاجتماعية في تلك الأزمان المختلفة بزعم دعاة الإلحاد.
ولقد ظلت الشيوعية قرابة سبعين عاما في صولة وجولة قوية مزبدة يحسب لها حسابها إلى أن أذن الله بزوال قوتها بقدرته وحده إذ ما كان أحد يفكر في النيل منها، فإذا بها يأتيها حتفها بظلفها على يد آخر زعيم لما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وهو " ميخائيل جورباتشوف " وأفل نجمها وجبروتها وثارت الشعوب واقتصوا من كل الظالمين.
والآن وبعد أن تبين المصير النهائي للماركسية الشيوعية أقول: إنه من الغريب جدا أن تموت الشيوعية في عقر دارها – الاتحاد السوفيتي سابقا – وأن تكشف الشعوب أن هذا المذهب فاشل باطل لا يجر إلى خير، بل إلى الخراب والدمار وإثارة البغضاء وانتشار البطالة والفواحش، وأن الجنة الأرضية التي وعد بها " كارل ماركس " إن هي إلا سراب خادع وآمال كاذبة وأن تعاليمه إن هي إلا جحيم لا يطاق وتعاسة وشقاء. وأن الشعوب كانوا يساقون إلى الموت وهم ينظرون طائعين أو مكرهين وإن في التخلص من هذا المذهب راحة لا تعدلها راحة وفوزا لا يعدله فوز فهبت تلك الشعوب المظلومة لتنفض عنها غبار تلك السنين العجاف ثم داسوا مبادئ " ماركس " ونظرياته تحت نعالهم ويتنفسوا الصعداء وبعضهم قام بشنق تمثال بعض طغاة الشيوعية القدماء وبعض الحكماء الحاليين وقالوا: لا رجعة للشيوعية هنا .
أقول من الغريب أن يحصل هذا وأكثر منه في تلك البلدان التي ذاقت مرارة التعاليم الشيوعية وفرحت بانقشاعها عنها ثم تقوم بعض الأحزاب في البلدان العربية الإسلامية بالمناداة باعتمادها كحزب شيوعي شرعي وأين الشرع من تعاليم " ماركس " ثم تقوم بعض الحكومات باعتماد تلك الأحزاب والترخيص لهم بدخول المجالس النيابية والبرلمانية وما إلى ذلك كما سمعته من دولة إسلامية عربية في إذاعتهم المسموعة. إن الأمر يدعو إلى العجب – قبح الله تلك الأحزاب وقبح الله من يسمح لهم - أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ[الأعراف:179].
ولقد قيل في المثل: العاقل من اتعظ بغيره "، فلماذا لا يتعظ هؤلاء بمن قد ذاق الحياة الشيوعية البائسة وضاق بها ذرعا أليس لهؤلاء قلوب يعقلون بها وأعين ينظرون بها وآذان يسمعون بها فيكفون عن التعلق بالشيوعية الحمراء وبتقديس زعمائها الذين لا يساوون قيمة نعالهم.
إن الأمر واضح وجلي ولولا أن مؤامرة جديدة أيضا تهدد العالم في ثوب جديد وبأسلوب جديد قد يشعر الناس به وقد لا يشعرون. وما أكثر النكبات التي يدبرها شياطين الإنس والجن للمغلوبين على أمرهم تحت مختلف الشعارات البراقة الخادعة من دعاة الماسونية اليهودية العالمية الحاقدة على الجوييم وما يمتلكونه من حضارات وقيم ومرور الأيام والليالي كفيلة بإيضاح كل ما يبيتون والله لهم بالمرصاد.

معنى القومية..وبعض المصطلحات الأخرى

المذاهب الفكرية المعاصرة


معنى القومية..وبعض المصطلحات الأخرى



اسلام ويب رقم الإستشارة: 278751 أ/ الهنداوي
http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=278751

السؤال :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أريد من فضيلتكم أن تعرفوا لنا المصطلحات التي تشابهت علينا في هذا العصر، وأصبحنا لا نفهم أي شيء مما يدور حولنا.
ما معنى القومية، والرأسمالية، والاشتراكية، والشيوعية، والاشتراكية، والعصرنة الحداثة، والقطب الأوحد، والمعسكر الشرقي والغربي.
وما موقف الإسلام منها مع الأمثلة وبأسلوب بسيط مقنع؟

الإجابــة بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلقد أحسنت بهذا السؤال الذي أردت به التعرف على هذه المصطلحات والتي تتداول تداولاً كبيرًا ولا يكاد أن تمر نشرة من الأخبار أو مقال سياسي إلا وتجدها حاضرة فيه، وهذا يا أخي يحتاج منك معرفة قاعدة عظيمة في هذا الأمر وهي أن المؤمن كيسٌ فطن حريص على معرفة ما يجري حوله ليعيش واقعه، فإن المؤمن الحق ليس هو الذي يُغلق بابه عليه ولا يلتفت إلى ما يجري حوله في هذه الدنيا فلا ينصر مسلمًا ولا يعرف كيد عدو، بل المؤمن الحق هو الذي يبذل جهده في معرفة الخير ومعرفة ما يضاده وهو الشر، فيجتمع له حينئذ العلم النافع، فاحفظ هذا فإنه ينفعك ليس في دينك فقط بل وفي دنياك.
فإن العلم علمان: (علم بالحق، وعلم بما يضاد الحق)، وبعبارة أخرى: أن تبذل جهدك في معرفة طرق الخير وأن تبذل جهدك أيضًا في الحذر من طرق الشر بأن تعرفها لتتوقى منها، ولذلك ثبت في الصحيحين عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله صل الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني).
وهذا هو العقل الكامل وهو أن تعرف الخير لتلتزمه وأن تعرف الشر لتجتنبه.
وقد قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}، فهو جل وعلا يفصل الآيات أي يبينها ويوضحها، ولتستبين سبيل المجرمين: أي لتظهر طريق المجرمين عيانًا وليعرفها المؤمنون فيجتنبونها، فبهذا يُعلم أنه لابد من التعرف على الخير ليُعمل به ويُحرص عليه، ولو أن يتعرف أيضًا على طرق أهل الغواية والشر ليُحذر منها، فهذا أمر عظيم لابد من معرفته والحرص عليه، وهو من آكد المعاني التي يحرص عليها العقلاء الأكياس من أمثالك إن شاء الله.
ولننتقل إلى جواب أسئلتك الكريمة، فأما عن (القومية)، فإننا قد أفردنا فيها جوابًا كاملاً يمكنك الاطلاع عليه وهو برقم (278413)، ففيه التفصيل لمعناها وفيه أيضًا بيانها بالأدلة من الكتاب والسنة على ذلك، ومع هذا فنعرفها لك تعريفًا يناسب هذا السؤال فنقول:
القومية هي: مذهب يقوم على أساس الموالاة للقوم بحيث أن الإنسان يوالي ويعادي بناء على الانتساب إلى القوم، فالقومية بهذا الاعتبار أن ينتسب كل إنسان إلى قومه فيجعل الأصل فيما يواليهم وفيما يعاديهم بناء على ذلك، وهذا الذي تراه في كثير من الناس بحيث يكون أمره دائرًا على هذا المعنى، فالذي يجمعه هو الانتساب إلى القوم والموالاة والمعاداة على ذلك والعمل من أجل هذا المعنى وجعله سببًا للاجتماع وتحقيق المصالح ودفع المفاسد.
فقد ظهر لك معنى القومية بهذا المعنى، وهذا الذي يعبر عنه بالقومية العربية تارة أو بقومية بعض الشعوب التي تصغر تارة وتكبر أخرى، فتارة تكون بالوطن الذي له حدود مرسومة، وتارة تكون بالإقليم وتارة تكون بالقارة وكل ذلك من معاني القومية فإنهما يندرجان في بعضهما بعضًا.
وأما عن (الرأسمالية) فهو مذهب يقوم على أساس اقتصادي قائم على رأس المال بمعنى التجارة الحرة المطلقة التي لا يضبطها ضوابط إلا ما يُسنُّ من قوانين يضعها أصحابها في ذلك، وهي قائمة أيضًا في الحقيقة على فصل الدين عن الدولة، بمعنى أن الدين لا حكم له وأن الدولة تقرر ما يصلحها في هذا الشأن، وغاية الدين أن يكون في دُور العبادة وشعارهم (دعه يعمل دعه يمر)، أي طالما أنه لا يخالف القانون الذي وضعه أصحاب هذا الشأن في هذا الأمر، وهو قائم أيضًا على نظم اجتماعية قد تكونت بسبب هذا النظام، وكذلك قائم على نظم سياسية وهي التي تسمى بـ (الديمقراطية) على المفهوم الغربي، والتي غايتها هي حكم الشعب، فإنها كلمة أصلها يوناني هذا تركيبها (حكم وشعب).
وأما عن (الاشتراكية) فهي نظام – أو مذهب – اقتصادي يقابل أو يضاد (الرأسمالية) وأساسه إلغاء الملكية الفردية وجعل الثروات مشتركة بين الناس وأن تُقسم بين الناس بالتساوي بحيث يمنع الفرد من تملك الزائد عن حاجته ويقسم ذلك بين الناس، ومؤسس هذا المذهب هو (ماركس) وهي التي تسمى بـ(النظرية الماركسية) والتي تبعه عليها أقطاب هذا المذهب مثل (لينين) و (استالين)، ومن المعلوم أنها قد انهارت وتلاشت وسقطت وكانت الدولة الراعية لهذا المذهب هي (روسيا) والتي أسست فيما يعرف سابقًا بـ(الاتحاد السوفيتي)، وفرضت مذهبها بالحديد والنار - كما هو معلوم - .
وأما (الشيوعية) فهي قريبة (الاشتراكية) فإن الشيوعية تعني: الشيوع أي الانتشار أي لا اعتبار للملكية الفردية وإنما يُشاع الأمر بين الناس.
هذا مع الإشارة إلى أن هذا المذهب وهو الشيوعية والاشتراكية وهما مذهب واحد قائم على نفي الدين أيضًا، وإبطاله، فعندهم الدين هو المخدر الذي يُخدر الشعوب، ولذلك هم يعلنون الإلحاد الصريح ويعلنون نفي وجود الخالق بل ويحاربون الدين أي دين لاسيما دين الإسلام، فإنهم قتلوا مئات الآلاف من المسلمين وأقاموا لهم من المجازر والذبح والتقتيل أمرا يفوق الوصف، وكان ذلك في وقت الاتحاد السوفيتي أيام ماركس ولينين واستالين وغيرهم من الكفرة المعاندين، وكان كذلك أيضًا في الصين حيث قُتل المسلمون مقاتل عظيمة، وكان أيضًا هنالك مقاتل للمسلمين في الهند أيضًا عند الذين يتبنون المذهب الاشتراكي في ذلك الوقت، فكان أساس عدائهم للإسلام ثم عداؤهم للأديان وإبطالها، وأصل هذا المذهب إنما هو من وضع اليهود الذين أرادوا به إبطال الأديان والسيطرة على الناس بنزعهم عن أي عقيدة ينتمون إليها.
وأما عن هذه الكلمة (العصرنة) فهو مصطلح فاسد من جهة المعنى ومن جهة اللغة أيضًا، فالتركيب خطأ من جهة اللغة، ويُعنى به طائفة من الناس الذين يحاولون إظهار بعض المبادئ الغربية القادمة من بلاد النصارى، وأيضًا فإن كثيرًا منهم قد قام مناديًا بالديمقراطية الغربية على طريقتها المشهورة المعروفة، وكذلك ما يسمى بتحرير المرأة ويقصدون بذلك نزع حجابها عنها ويسمون ذلك مساواة بين الرجل والمرأة وغير ذلك من الأمور التي يدعون إليها، وهم الذين يطلق عليهم أيضًا (الحداثيين) ومنهم من يحاول أن ينتهج في ذلك أسلوب الأدب والشعر والمقالات الصحافية، وغير ذلك من الوسائل التي يتوصلون بها إلى هذه المعاني.
وأما عن (القطب الأوحد) فإن هذا المصطلح يراد به أن العالم كانت تحكمه قوتان عسكريتان وهما الاتحاد السوفيتي سابقًا والولايات المتحدة الأمريكية وكان الاتحاد السوفيتي قد أنشأ له حلفًا اسمه (حلف وارسو)، وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت حلفًا يسمى بـ (الحلف الأطلسي) وهو موجود إلى الآن.
فانهار معسكر الاتحاد السوفيتي وهو (معسكر الشرق)، وتفككت دويلاته وأُبطل الحلف الذي كان موجودًا (حلف وارسو) والذي يشمل أوروبا الشرقية مع الجمهوريات التي كان تسمى سابقًا بالاتحاد السوفيتي وفي الأصل هي بلدان إسلامية قد احتلت وانتزعت من بلاد المسلمين.
فبقي هنالك حلف واحد وهو (حلف الشمال الأطلسي) فيسمى بـ (القطب الواحد) أو الأوحد أي أنه لا يوجد ما يعارضه من الناحية العسكرية .
وظهر لك بهذا التقديم معنى المعسكر الشرقي والغربي، فالمعسكر الشرقي هو ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي أي الشيوعي الاشتراكي والغربي هو ما ينتسب إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.
وأما عن موقف الإسلام منها فإن الله عز وجل قد بعث محمدًا صلوات الله وسلامه عليه بهذه الشريعة الكاملة والتي جعلها شاملة لكل نواحي الحياة والتي يضبطها خمسة أمور فاحفظها وشد يدك عليها:
فأولها العقائد، فتصحح عقائد الناس وتعرفهم بربهم وتعرفهم بحياتهم الدنيا ومعادهم ومصيرهم وبما يجب أن يعتقدوه في عامة أمورهم الدينية، وتعرفهم أيضًا بطرق عباداتهم التي يقومون بها كالصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من العبادات، وتعرفهم كذلك بالمعاملات التي تشمل معاملة الإنسان لنفسه ومعاملته لأهله ومعاملته للناس والمعاملات السياسية الخارجية والمعاملات الداخلية، فكل ذلك يشمله أصل المعاملة، وتعرفه أيضًا بالعقوبات التي تردع المجرمين المعتدين على أموال الناس وعلى حياتهم وعلى أعراضهم التي لابد لها من زجرهم وحفظ أمن الناس، وتعرفهم كذلك بالآداب التي يتأدبون بها في تعاملهم مع أنفسهم وتعاملهم مع ربهم وتعاملهم مع الناس، فبهذا يشمل الدين كل هذه المناحي ، فيشمل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يسمى أيضًا بالثقافية وإن كان الاسم الشرعي لها (النواحي العلمية)، فكل هذا يشمله هذا الدين الكريم، فإن هذه الشريعة قد كملها الله جل وعلا، قال تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً}.
وأما عن هذه المسميات فكلها قائمة على عدم الاعتراف بشريعة الرسول صل الله عليه وسلم ولا بشرائع الأنبياء، فعندهم الأمر قائم على فصل الدين عن الدولة، أي أنه لا حكم إلا ما يقرره الساسة والذين تارة يكونون متفردين وتارة يكونون منتخبين بما يسمى بالمجالس النيابية (البرلمانات)، وأما في هذا الدين الكريم فالرد إلى الله والرد إلى رسوله صل الله عليه وسلم ولما أخذ المسلمون بهذا ملكوا البلاد وفتحوا قلوب العباد وانتشر الإسلام وساد العدل بين الناس، فإن العدل لا يكون إلا في شريعة الله كما أن الظلم فيما سواها، قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
فالمؤمن يعتقد هذا الاعتقاد العظيم وهو رد الأمور كلها إلى شريعة الرحمن واتباع كتاب الله وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم وتحكيمهما في جميع نواحي حياتهم، وهذا أمر يحتمل الشرح والبسط والبيان بما لا يحتمله هذا الجواب المختصر، وقد أفردت في ذلك بحمدِ الله الكتب الكثيرة، ونسأل اللهَ عز وجل أن يعز الإسلام وأهله وأن يرد المسلمين للحق ردًّا جميلاً وأن يجعلكم من عباد الله الصالحين.
بالله التوفيق.

كيف نقف من الحضارة الغربية وأفكارها؟

المذاهب الفكرية المعاصرة

كيف نقف من الحضارة الغربية وأفكارها؟


لقد جاءت الحضارة الغربية كالسيل المزبد تريد أن تجتث كل شيء في طريقها صالحا أو غير صالح دون تمييز جاءت وهي تحمل مزيجا هائلا من العقائد والطبيعة والعمران والاجتماع والتجارب المختلفة في شتى الاتجاهات والفنون إنها خليط يحير العقل حيث يقف أمامها متسائلا هل أرفض تلك الحضارة برمتها أم آخذ منها وأترك لها؟ ذلك أن أخذها يعني الاستسلام لها بكل ما فيها من خير أو شر وأن مصير الأمة الإسلامية سيكون هو نفسه مصير الغرب في تعامله وفي جاهليته وأن يتحمل تلك الأخطار التي تهدد المجتمعات الغربية في أخلاقها وفي كل سلوكها كما أن تركها يعني تفويت منافع ومصالح نحن في أمس الحاجة إليها إذاً فما هو الحل الذي ينبغي أن يسلكه الشخص الذي يريد الحفاظ على دينه وقيمه الإسلامية والاستفادة كذلك من الحضارة الغربية؟!!والجواب فيما يلي بالإيجاز
الخيار الأول: أي رفض الحضارة الغربية برمتها
هذا الموقف غير سليم ولا يؤيده العقل ولا الواقع لأنه يؤدي إلى انعزال العالم الإسلامي وانطوائه وبعده عن الأسباب التي تقويه اقتصاديا وحربيا أيضا وذلك لما أودعه الله في العالم الغربي من أسباب القوة المادية المشاهدة التي لا يجهلها أحد في الوقت الذي تأخر فيه العالم الإسلامي ولم يحققوا ما أراده الله منهم من التقدم المادي وأسباب القوة كما في قوله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ [الأنفال:60] بعد أن دعاهم إلى استعمال عقولهم وشحذ أفكارهم للاستفادة من كل شيء لا يصطدم مع دينهم الذي ارتضاه لهم وأخبرهم في أكثر من آية أنه سخر لهم كل ما في هذا الكون وجعله هبة لهم كما أرشدهم إلى بعض أدوات القوة كرباط الخيل الذي يساوي الآن الطائرات والسفن الحربية وإلى الحديد الذي هو قوام الصناعات الحربية وغيرها قديما وحديثا وغير ذلك من أنواع القوة المادية كما أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أسوة حسنة، فقد كانوا يبادرون إلى الاستفادة من أي خبرة فيها نفع لهم وقوة للإسلام كحفرهم الخندق بمشورة سلمان الفارسي وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيِّ أن يتعلم لغة اليهود واشتراطه صلى الله عليه وسلم على بعض الأسرى أن يعلم أولاد المسلمين الكتابة وغير ذلك مما فيه نفع المسلمين وزيادة قوتهم ولن تجد قطرا من الأقطار منطويا على نفسه غير مستفيد من خبرات الآخرين في شتى المجالات التي لا تتعارض مع دينه إلا وجدت ذلك القطر متخلفا في كل شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ووجدت الجهل والخرافات قد طغت على أهله كما تطغى الفيضانات على ما حولها بل ووجدت ذلك القطر يتنفس الصعداء بين فترة وأخرى في شكل عصيان مدني وتمرد عسكري وشغب بصور مختلفة لما يحسه أهله من الغبن في عيشتهم المتخلفة والقلق الذي يساورهم على مستقبلهم ومستقبل أولادهم من بعدهم إلا أن هذا لا يعني أن يفتح العالم الإسلامي ذراعيه للحضارة الغربية بكل ما فيها من سلبيات لا تقرها الشريعة الإسلامية كما فعل الكثير من المسلمين سواء أكان ذلك في شكل أفراد أو جماعات أو دول فلقد لهثوا للحاق بركب الحضارة كما يسمونه دون تروٍّ وتأنٍّ فكانت العاقبة ما يراه كل مسلم من تفشي الأوضاع الفاسدة وانتشار الرذائل الغربية بشكل واضح في أكثر الأقطار الإسلامية إلا من رحم الله تعالى وهم قليل بالنسبة لغيرهم فأقصي الحجاب للمرأة وخرجت سافرة بل ولا يسترها إلا القليل من الثياب التي تجعلهن كاسيات عاريات وأحيانا شبه عاريات ولم يعد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كثير من ديار المسلمين أي مكان فيهم لابتلاع ما يسمونه بالحرية الشخصية له وانتشار الجريمة بشكل رهيب وقس على ذلك شؤون الحياة المختلفة التي يسبح فيها العالم المادي ومن تأثر به على طريقة عيشة البهائم. ولا أظن القارئ في حاجة إلى ذكر أسماء تلك البلدان الإسلامية التي غمرتها الحياة الغربية بكل ما فيها من عهر وسخافة ومجون تحت أسماء براقة خادعة كالتطور والإنسان العصري والتقدمي وما إلى ذلك. فكانت النتيجة أن أدخلوا رؤوسهم في الحياة الغربية على رجل واحدة لأن الهدم أسهل من البناء فهدموا دون بناء فقد حققوا سيئات الغرب ورذائله ولم يتمكنوا من تحقيق الجانب الآخر المشرق المتمثل في تلك النهضة الجبارة في ميدان الصناعة التي تزخر بها بلا د الغرب.
الخيار الثاني: وهو أخذ الحضارة الغربية على علاتها ما طاب منها وما خبث:
يعبُّها كلهفة الظامئ المتلهف إلى الماء العذب دون التفكير في الفوارق الطبيعية بين تلك الحضارة وحضارة الإسلام في السياسة والتفكير والنظم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسائر السلوك كما حصل في تركيا بعد أن تأخر خلفاؤها في القوة المادية والقوة الدينية وتمالأ عليها الأعداء من كل جانب حيث سقطت فريسة الحضارة الغربية على يد زعماء افتتنوا بما عند الغرب من التقدم المادي والإلحاد الذي لا حد لجماحه.
لقد واجهت تركيا الضعيفة طوفان الحضارة الغربية القوية دون تبصر ووعي وبعقلية غير متفهمة للأوضاع الجديدة بل تواقة إلى العلمانية الملحدة خصوصا وقد برز شباب كانت ثقافتهم غربية تماما ينظرون إلى الإسلام وإلى تعاليمه على أنه عقبة كأداء في سبيل رقيهم وتقدمهم وأن على الحضارة الغربية أن تقوم على أنقاضه راضية مطمئنة كما شاء لها أولئك الثائرون أمثال" أتاتورك" وأتباعه الذين نادوا بإلحاق تركيا بالحضارة الغربية في ذلك ما وسعهم من الدعاية لهذا الاتجاه وقلبوا ظهر المجن لكل حضارة يمت إليها الأتراك بصلة وخصوصا الحضارة الإسلامية وأتاتورك هو الشخصية الهامة التي كان عليها وزر تحويل تركيا إلى ركاب الحضارة الغربية وهو أعدى أعداء الإسلام في وقته عاقبه الله بما يستحق.ووجد كذلك مفكرون متحمسون للحضارة الغربية ونشرها بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات مثل " سيد أحمد خان" الهندي و" قاسم أمين" المصري صاحب كتاب (تحرير المرأة) وكتاب (المرأة الجديدة) و" طه حسين" الذي كان من كبار المتعصبين للحضارة الغربية ومن كبار المفاخرين بها وكان يود لو أن العالم الإسلامي كله وخصوصا مصر تنسلخ من كل ماضيها وتتقدم باحترام لتتقمص الحضارة الغربية بكل ما فيها
وعلى مستوى أولي الأمر من الرؤساء مثل " الحبيب بورقيبة" الذي ظهر إلحاده وعداؤه للدين الإسلامي ولنبيه العظيم في تصريحاته التي كان يلقيها في المناسبات مثل تهجمه على القرآن الكريم ووصفه له بالتناقض وتهجمه على الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه بدويُّ يجوب الصحراء ويؤمن بالخرافات وغير ذلك من كفرياته وقد طلب إليه كثير من العلماء منهم الشيخ ابن باز – رحمه الله – أن يتوب ويرجع إلى الإسلام.
والحاصل أن هذا المسلك مرفوض ولا ينبغي للمسلمين أن يقعوا فيه فإن طريق الحضارة الغربية مملوء بالمخاطر الأخلاقية والدينية والعاقل من اتعظ بغيره وقد أسفر الصبح لذي عينين.
الخيار الثالث: وهو الأخذ من تلك الحضارة بحذر وترو دون اندفاع:
فلا ينظر إليها على أنها هي المثل الأعلى للحياة أو المورد العذب وإنما ينظر إليها على أنها متاع الحياة الدنيا وأنه سيفارقها أو تفارقه فهي عرض زائل مهما بدت في المظهر الأنيق والصور الخداعة البراقة.
فيعتقد المؤمن اعتقادا جازما أن الحياة السعيدة إنما هي الحياة الآخرة التي جعلها الله ثوابا لأوليائه وأن ما وجد على ظهر الأرض من أنواع المتع المباحة فإنما هي عون له من الله على الاستعداد لتلك الحياة يتمثل قول الله تعالى وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77] فيجمع بين الدنيا والآخرة أو يجعل الدنيا في يده لا في قلبه فلا يفتتن بها افتتان من يسمون أنفسهم أصحاب التجديد الذين لا هم لهم إلا الحياة المادية وزخرفها أو جماعة التغريب الذين ينظرون بكل تقديس واحترام إلى الحضارة الغربية على أنها هي كل شيء في هذا الوجود.
لا حرج على المسلم أن يستفيد من أي أمر لا يتعارض مع دينه، لا حرج عليه من أن يستفيد من مصانع الغرب وآلاته المختلفة ما دام ذلك لم يصل إلى أن يكون على حساب دينه وقيمه أو تقليدا أعمى لا يفرق فيه بين المفاهيم الغربية والمفاهيم الإسلامية كما هو حال كثير من الأقطار الإسلامية مع الأسف ولذلك لا يحتاج الشخص إلى تفكير عميق أو دقة ملاحظة كي تتبين له تلك الأوضاع التي تردت فيها تلك الأقطار عن وعي أو عن غير وعي حيث كانوا كحاطب ليل أو كتلميذ صغير أمام أستاذه ينظرون إلى الغرب بكل انبهار ونسوا أنهم يملكون ما لا يملكه الغرب من القيم والمبادئ الإلهية التي لا يوجد لها مثيل في تنظيم الحياة البشرية من جميع الجوانب ونسوا كذلك أنه يجب أن يكونوا هم القدوة للغرب المتحير في سلوكه المتخبط في جهله وأن تقدمهم إنما هو ظاهر من الحياة الدنيا وأن السعادة كلها في أيدي المسلمين لو أرادوا تحقيقها حينما يعتزون بدينهم ويوصلوه إلى تلك القلوب الخاوية والأفكار البالية في العالم الجاهلي فيرتوون من معينه الفياض ويخرجون من حياة الفسق والفجور والظلم والطغيان إلى عدل الإسلام ونوره المشرق دائما.

دخول الأفكار إلى بلاد المسلمين وموقفنا منها

المذاهب الفكرية المعاصرة

دخول الأفكار إلى بلاد المسلمين وموقفنا منها
كيف دخلت الحضارة الغربية بأفكارها بلدان المسلمين


لقد كان أساس دخول الحضارة الغربية إلى البلاد الإسلامية وانتشار أفكارها المختلفة هو شعور حكام المسلمين بتفوق الغرب عليهم في شتى المجالات التنظيمية والاقتصادية وخصوصا ما يتعلق بالنواحي العسكرية والنظم التي تسير بها الجيوش والحاجة إلى السلاح الذي كان بيد الغرب حينما صنعه الغرب النصراني والمسلمون في سبات عميق ومن هنا برز الشعور القوي لدى هؤلاء الحكام بضرورة مد اليد إلى الغرب لشراء الأسلحة التي تزخر بها المصانع الغربية وتم ذلك فنشأت حاجة أخرى وهي طلب من يقوم بالتدريب عليها وكذلك طلب من يقوم بصيانتها ولا بديل عن الغرب الأوربي في ذلك بطبيعة الحال فاستقدموا المدربين والمهندسين والمستشارين من شتى دول الغرب ثم برزت حاجة أخرى وهي توفير الكتب والمدرسين والمدارس للنشء الجديد في الدول الإسلامية الذين أريد منهم أن يكونوا دائما عدة للجهاد وتم ذلك ولكن لا يخفى عليك أخي القارئ من هم الذين سيقومون بتلك المهام كلها للنشء الجديد فالدول الإسلامية في بداية الصحوة من نومها ولا تملك شيئا من ذلك فكان آخر الأمر أن ارتموا أمام خبراء الغرب الذين أتوا بكل ما أمكنهم لتغريب العالم الإسلامي – وفي أولهم الجيوش – ومن هنا بدأت عجلة التغريب تعمل في العالم الإسلامي وبدأ الكثير من حكام المسلمين يتبعون سنن الغربيين في كل شيء بدؤوا ينظرون إلى التعاليم الإسلامية وإلى القيم الإسلامية نظرة ضعيفة فيها نوع من تفضيل للحياة الغربية عليها وكانت تركيا هي المثال القوي المخزي على هذا السلوك في آخر الدولة العثمانية إلى أن تسلمها العلماني الملحد مصطفى كمال أتاتورك الذي سلخها من كل شيء يمت إلى الإسلام بصلة – كما هو معروف من تاريخه الشنيع – ثم ابتعث كثير من المسلمين أبناءهم للدراسة في الدول الغربية ليتعلموا شتى الفنون التي كانت تنقصهم كضرورة ملحة جديدة ولكن بعد أن رجع هؤلاء إلى بلدانهم لم يقف في وجوههم أي حاجز لرفع علم الحضارة الغربية في بلدانهم والمناداة ليلا ونهارا وسرا وإعلانا بالانضمام التام إلى الحياة الغربية واللحاق بركبها الذي كانوا يرونه سفينة النجاة ومصدر فخرهم وإعجابهم، وبدأ هؤلاء ينفخون في أذهان المسلمين المبادئ الغربية والعادات الاجتماعية عندهم – متخذين من بعض القضايا ذريعة – لتوصيل الحضارة الغربية إلى الأذهان، مثل زعمهم أن حجاب المرأة ظلم لها وأن المسلمين ينقصهم الدعوة إلى الحريات، حرية الكلمة، وحرية العقيدة، والدعوة إلى منع الطلاق وتعدد الزوجات ووجوب تعليم المرأة ومشاركتها الرجل جنبا إلى جنب في ميادين العمل وكذا الدعوة إلى العودة إلى الحضارات القديمة التي كانت قائمة قبل الإسلام وإلى السلوك الإسلامي – وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي نفذوا من خلالها إلى إنقاد التعاليم الإسلامية في مكر وخديعة وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]
ولقد افتتن بعض المسلمين بالحضارة الغربية وبريقها اللامع لأسباب حملتهم على ذلك تمنوها في مجتمعاتهم فلم يجدوها كحال الحرية التي رأوها في العالم الغربي في الظاهر فتمنوها دون رؤية ولا نظرة ثاقبة في حقيقتها ومآل أمرها ولعل الأوضاع التي يعيشها المسلمون في بعض الأماكن تحت بعض الأنظمة التي تتظاهر بالإسلام من عدم الاهتمام بحرية الفرد ولا المجتمع وسوقهم إلى ما يراد بهم طوعا أو كرها دون مراعاة كرامة أحد والتعسف المقيت في معاملتهم لعل هذه الأوضاع أيضا كانت من الأمور التي شجعت أولئك الذين فتنوا بالحضارة الغربية بكل ما فيها من حسن وقبيح إلى المناداة بها ومعلوم أن هذا الوضع ليس مبررا لترك الدين وما يأمر به أو ينهى عنه لا من قريب ولا من بعيد فإنه يمكن معالجة هذه الأوضاع السيئة حين توجد بطرق كثيرة غير الحضارة الغربية والحرية الشخصية التي أصبحت يراد بها العري والخناء وعدم الحياء في ظل تلك الحضارة المادية الزائفة فإن الإسلام لم يهمل حلول أي مشكلة تتعلق بحياة الناس دينية حكاما أو محكومين وتاريخه يتحدث بذلك في صوره المشرقة ففي الإسلام ليس للحاكم إلا تنفيذ الشرع الإلهي على الجميع وإذا خرج عن الدين ونادى بالكفر البواح فلا طاعة له أيضا وإذا ظلم رعيته فإن الله تعالى له بالمرصاد ويحاسب كذلك عن تصرفاته في أموال المسلمين ولا يستبد برأيه ولا يكتم حريات الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ولا يحكم لنفسه بحكم ينتفع به بظلم الناس إلى غير ذلك من الأمور المعروفة في الإسلام أي أن الحاكم ليس له مطلق الاستبداد كما يتصور الجاهلون بالإسلام قياسا منهم على ما اخترعه رجال الكنيسة باسم الدين النصراني فإن الإسلام يُوجِدُ في قلب الحاكم الملتزم به الشفقة والرحمة والتواضع ويؤكد على أنه يسأله الله يوم القيامة عن كل تصرفاته وبذلك يكبح جماحه ويهذبه.
ويتضح مما تقدم أن الغرب النصراني لم يعد يهتم بمقارعة المسلمين وجها لوجه مناظرات ومجادلات حول الأسس الإسلامية التي قام عليها بناء الإسلام في قلوب أتباعه لم يعد الغرب يهتم بذلك.
1ـ لأنهم يئسوا من زحزحة المسلمين عنها بالكلية عن طريق النضال الفعلي أو الفكري.
2ـ لأنهم اكتشفوا طرقا جديدة تختصر لهم المسافة الفارقة بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية وكان لهذا الاكتشاف وزنه وفائدته بالنسبة للغرب ومن هذه الطرق متابعة الأفكار الغربية التي قبلها المسلمون وتنميتها في صدورهم وإطرائها بالمديح، وزينوا لهم أن البداية والنهاية تكمن في تقبل المسلمين للتطور والتجديد في جميع النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية... إلخ
وأصبح مثل الغربيين ودعائهم بالنسبة لبث تلك الأفكار في العالم الإسلامي أصبح مثلهم أشبه ما يكون بالمزارع الذي يتعاهد ما بذره كل يوم في الوقت الذي فتحوا فيه شهية المسلمين للوصول إلى كل المغريات التي تزخر بها الحضارة الغربية الجديدة ولم يقف الغرب عند حد الوصول إلى تحقيق هذا الهدف بطريقة منفصلة لدى المسلمين بل عملوا جهودهم على أن يصبح هذا الهدف هو الاتجاه العام لدى كل المسلمين وبالتالي تكون النتيجة من وراء تحقيقه هو إقامة علاقات مشتركة على قدم المساواة بين الغرب وبين العالم الإسلامي بعد توحد الأفكار والأهداف ومن ثم تذويب العالم الإسلامي في بوتقة الحضارة الغربية إلى الأبد فإن المغلوب ينظر دائما إلى الغالب بعين الإجلال والهيبة ويحب محاكاته في كل تصرفاته سيئة كانت أو حسنة وطبيعة صاحب الهزيمة النفسية أنه لا يفرق بين الغث والسمين في تعامله مع المنتصر.
قصور خطير:
ظهرت النتائج لدى العالم الإسلامي في صورة شنيعة يمثلها قصور المفكرين والعلماء المسلمين في الإحجام عن دراسة العالم الغربي بجد وبيان أفكاره والأخطار التي ستحل بالأمة الإسلامية إن لم يضعوا حدا لذلك الغزو. لم يحصل هذا مع شدة حاجة أبناء المسلمين إلى تفهمه والحذر منه بل إن الذي حصل هو ضد هذا وهو اشتغال بعض المفكرين دارسي الإنجليزية من المسلمين بترجمة كتب أولئك في ميادين القصص الغرامية العابثة والأخبار التافهة وفي مغامرات بعض أقطاب الغرب وسيرهم التي تمجد أقطابهم وتوحي للقارئ بعظمة أولئك في شتى الميادين أو ما كان منها يوحي بحياة العصبية والوطنية والقومية والتعالي على الآخرين والعودة إلى الافتخار بما عفى عليه من حضارات قديمة بزعمهم وأنه يجب العودة لها تحت أشكال متعددة وساعدهم أصحاب الأموال الغربية بكل ما يحتاجونه لتحقيق ذلك ولعل القارئ قد سمع في الإذاعات الغربية خصوصا لندن ومونت كارلو وواشنطن لعله سمع ما حصل من الاحتفال المهيب في أول هذه السنة 1419هـ بترميم تمثال " أبي الهول " وأنه بلغت تكلفة ترميمه عشرة ملايين دولار وإن العمل استمر في ذلك قرابة عشر سنوات وكان الاحتفال بالانتهاء منه يوما مشهودا حضره رئيس الدولة وعدد غفير من الوجهاء والأعيان وسفراء بعض الدول العربية وسفراء الدول الغربية وتبرع" روكفلر " المليونير اليهودي بمبالغ هائلة – غير مشكور عليها – للبحث عن الآثار الفرعونية وبنى معهدا لأجل ذلك على نفقته لسد الحاجة إلى الفنيين لنبش الآثار الفرعونية في الوقت الذي كان الشعب المصري في أمس الحاجة إلى المساعدة المالية لسد ما دمرته البراكين التي ثارت فيه وأصبح كثير من السكان بدون مأوى ولا غذاء إلا من بعض المساعدات التي كانت تذكر إذاعة القاهرة أنها لا تكفي لإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية وليس هذا فقط فقد أتخموا العالم الإسلامي بالدعوة إلى إحياء ما يسمونه الفن بجميع أشكاله وإيجاد كل ما يتطلبه الأمر من بناء مساكن ومدارس وإيجاد مدربين.. إلخ وقد تحقق الكثير من إحياء هذا الفن الذي كان أكثره موجه لتدمير الأخلاق الإسلامية والعفة ونزع الحياء من وجوه الفتيان والفتيات الناشئين وانتعشت حركة الفن هذه حتى أصبحت ذات رسالة – كما يعبرون عنها – وأصبح تحقيقها يعتبر – على حد زعمهم – رسالة ومفخرة وطنية يجب تمجيدها وتقديسها وحينما تتم المقابلة بين أحد الفنانين في الإذاعة يقول له المذيع: ماذا تتمنى فيقول: أتمنى على الله أن يوفقني لإكمال الرسالة؟!
والقارئ يدرك السبب من وراء هذا الاهتمام من قبل الغرب بجوانب الفن المزعوم والإنفاق السخي على نبش الآثار لأنهم عرفوا أن هذه الأمور هي مقصد الكثير من الناس للتسلية وأنها ذات أثر جذاب على كل الناس مهما كان التفاوت بينهم في المعرفة والأعمار أيضا ومن الغريب أن تسمع كثيرا من وسائل الإعلام عند المسلمين يأتي مصدر البرامج فيها إما تمثيلية غربية أو ترجمة لكاتب غربي أو خدمة لكتاب غربي كذلك حتى ليخيل للسامع العادي أن الحضارة الإسلامية لا شأن لها إلا بالمساجد وإقامة الصلاة فيها فقط وأنها لا بديل فيها عن تلك البرامج الغربية وهذا الظلم للحضارة الإسلامية سببه جهل أبناء الإسلام وكيد أعدائه فأصبح الإسلام بين أمرين أحلاهما مر بين جهل أبنائه وكيد أعدائه.
الدعوة إلى خلط الفكر الإسلامي بالفكر الغربي بدعوى تقارب الحضارتين والسير معا لخدمة الإنسانية
قال الله تعالى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص:24] وإذا كان الخلطاء يبغي بعضهم على بعض وينتج عن ذلك شر وظلم في الأمور الدنيوية فما بالك إذا كان في الأمور الدينية حين يراد خلط الحق بالباطل فما الذي سيحصل من ذلك؟
إنه يحصل نتاج مشوه ومشئوم لا خير فيه، وظلم صارخ لا عدل فيه وتقارب الحضارتين هو وجه آخر لدعوى الأديان فكيف يتجاهل هؤلاء الدعاة الغربيون ومن سار على طريقتهم من أتباعهم في العالم الإسلامي من دعاة التغريب كيف يتجاهل هؤلاء الفرق الهائل بين الدين الحق والدين الوضعي وهو فرق يمثل الفرق بين الحق والباطل والعلم والجهل فأنى يجتمعان؟
إن التقارب الذي يدعو إليه أصحاب الفكر الغربي إنما يراد به جر المسلمين إلى الغرب وذوبان الشخصية العزيزة للمسلم في خضم التيار الغربي بما يملكه الغرب من وسائل الإغراء التي لا حد لها ولعل هذه الدعوة نبعت من جراء تراخي قبضة المسلمين على دينهم والإسفين الذي دقته الحضارة الغربية الحديثة وقوة التغريب المتنامي في العالم الإسلامي على أيدي المنصّرين والمستشرقين وأتباعهم من المحسوبين على العالم العربي أو الإسلامي، ثم إحساس هؤلاء بهذه الفجوات في المسلمين ومن هنا وقر في أذهان أولئك الكتاب وجميع القائمين على حركة التغريب أنه يجب توجيه كافة الإمكانيات والجهود وتجييش الكل لخدمة تلك البذور النامية في أذهان المسلمين نحو حب الحضارة الغربية وأنها السبيل الوحيد للمسلمين إذا أرادوا التقدم والعيش الكريم بزعمهم وأقطاب الغرب والتغريب كلهم يشترطون - بالقول أحيانا وبالفعل أحيانا أخرى- لهذا التواصل والاندماج أن يتم بعيدا عن حقيقية الإسلام التي سار عليها في عهوده السابقة وأن يتم على فلسفة عصرية جديدة بزعمهم وهي خدعة ظاهرة يراد من ورائها عدم الاهتداء بتعاليم الإسلام الثابتة.
ومن المعلوم مسبقا أنه لو صار تقارب الحضارتين على هذا الأساس لكان الخاسر فيها هم المسلمون بدون شك حتى ولو كان التقارب أيضا على دعوى النعرات الجاهلية من قومية ووطنية أو تسامح ديني وما إلى ذلك فالنتيجة واحدة على حد قول الشاعر:
من لم يمت بالسيفِ مات بغيرهِ تعدَّدت الأسبابُ والموتُ واحدُ
فإن الهدف الأخير للغرب هو استعمار بلدان المسلمين وعودة جنودهم إلى ثكناتهم السابقة ومحو الشخصية الإسلامية من القلوب ولقد تفوق الغرب على غيره بحسب الترتيب وإحكام الخطط بمكر ودهاء وهو أمر واقع وظاهر وما حصل الآن من استعمار الغرب للعراق العربي المسلم مما يندى له الجبين ويثير في النفوس الأسى والحزن والإحباط الشديد.
نتيجة خطيرة:
الذي يبدو – والله أعلم – أن الحضارة الغربية ستلتف على العالم الإسلامي نهائيا ما دامت أوضاع المسلمين بهذا الحال من الفقر والتقهقر وعدم الاستفادة من العقول ومما أودعه الله في داخل الأرض من الخيرات العظيمة وما داموا بهذا التفرق الشنيع وما دام اسمها " الدول النامية" فلن يمكنها الوقوف أمام الحضارة الغربية العاتية التي استحوذت على كل ما يتطلع إليه البشر من التفوق في سائر الفنون من اقتصاد وصناعة وتجارة وطب وغير ذلك من الأمور التي سترضخ المسلمين لهم طوعا أو كرها للحصول على أجزاء منها – وليس كلها – فإن من احتاج إلى شيء خضع له والإنسان أسير من أحسن إليه وأعتقد أن ما يتبجح به بعض الناس من أن العالم الإسلامي بخير ولا ينقصهم أي شيء أعتقد أن قائله إما أن يكون جاهلا يريد تثبيط المسلمين وإلهائهم عن النظر إلى واقعهم الضحل كما أعتقد أن ثالثة الأثافي على المسلمين هي هذه الثغرة الهائلة التي فتحها نظام العراق البعثي الصليبي الذي أعطى الغرب المتربص الضوء الأخضر والفرصة السانحة لتغلغل أفكارهم وانتشار حضارتهم ونصرانيتهم بكل صلف وكبرياء وقد أصبح العراق في عهد طواغيته اليوم المثل الثاني – بعد فلسطين – على إذلال المسلمين وانكسار شوكتهم.
ومما يلاحظه القارئ الكريم أن الدعوة إلى تقارب الحضارة الإسلامية مع الحضارة الغربية أحيانا تأتي هذه الدعوة في شكل طلب صداقة – صداقة الذئب والحمل – أو علاقات حميمة بين الإسلام والمسيحية في مقابل وقفة الجميع ضد التيار الشيوعي وأنه يجب أن توجه كل الجهود ضده فهو العدو المشترك وقد انكشفت هذه الخدعة بسقوط الشيوعية وأحيانا تأتي بدافع حب تطوير الشعوب إلى التقارب ومدارسة الجوانب والأمور التي يجب أن يقفها الجميع ضد الإلحاد ما لم يكن ذلك التقارب على حساب الإسلام أو هضم حقوق المسلمين إلا أنه تبين أن العالم الغربي وضمن نفوذه السياسي والاقتصادي ليس إلا والأدلة على هذا كثيرة من أقواها وقوف الغرب إلى جانب الشيوعية عندما يحاط بها وعداؤهم السافر للإسلام والمسلمين وخصوصا في هذه الأيام من هذه السنة 1422هـ بعد فتنة التفجيرات التي وقعت في أمريكا في نيويورك وواشنطن حيث أخرجت أضغانهم على الإسلام والمسلمين فصرحوا بكل وقاحة بأن عدو حضارة الغرب هم المسلمون والإسلام المتخلف بزعمهم ولأن الكفر ملة واحدة فإنك تجد أن أعداء الإسلام دائما يقفون إلى جانب بعضهم بعضا في محاربة انتشار الإسلام وحصاره ورميهم له بأنه غير متطور ويجب تطويره كشرط أساس لمسايرته الحضارة الغربية ولا تسأل بعد ذلك عن هذا التطور الذي يدعون إليه ولا عن نتائجه الوخيمة وعن الشر الكامن في مبادئه ولا عن قيمة المجتمعات الإسلامية في ظل هذا التطور المزعوم فأين إذاً الدعوة إلى تلاحم النصرانية والمسيحية ضد الإلحاد ما داموا لا ينظرون إلى الإسلام إلا بهذه النظرة الظالمة.
ومن هنا وقع الكثير من الكتاب المسلمين – بحسن نية – في بعضهم وبمكر ودهاء في أكثرهم من دعوى مسايرة أحكام الشريعة الإسلامية للأحكام الوضعية الغربية لكي يتم بناء هذا التمثال الهزيل ثم ركبوا كل صعب وذللوا لتحقيق هذا الادعاء الباطل المستحيل فما من قضية غربية إلا ووجد لها من بعض كتاب المسلمين من يقول "أن الإسلام أيضا قد اشتمل على بيانها فلا ينبغي أن يعاب وأصبح الإسلام كأنه مذنب يحتاج إلى المحامين عنه لامتصاص أخطائه وذنوبه أمام الحضارة الغربية حسب دفاع هؤلاء ولا شك أن دعوى مثل هذا التطور هو قتل للإسلام على تؤدة وأنه لن يتم إلا إذا تخلى المسلمون عن دينهم نهائيا".وهذا الصنف من المحامين خُدِعُوا في أنفسهم وخَدَعوا غيرهم فقد أوقفوا أنفسهم للاعتذار عن الإسلام أمام كل قضية يخالف فيها الإسلام ما نادت به الحضارة الغربية العصرية فحينما ظهرت الاشتراكية قالوا والإسلام أيضا فيه اشتراكية بل وافتروا أن مؤسس الاشتراكية الإسلامية هو الصحابي الجليل أبو ذر رضي الله عنه وحاشاه من إفكهم وحينما ظهرت الديمقراطية قالوا والإسلام أيضا ديمقراطي وحينما وجد تعدد الأحزاب قالوا والإسلام لا يمنع هذا، وحينما ظهر دعاة تحرير المرأة وأن لها حق الانتخاب والوصول إلى الحكم قالوا والإسلام أيضا قرر لها هذا وتكلم هؤلاء عن الإسلام بما لم يحيطوا بعلمه منهم الماكر المخادع ومنهم من كان عن حسن قصد كي يدفع عن الإسلام تهمة عدم التطور وصفة الرجعية التي وصفوا بها الإسلام كذبا وزورا وهو دفاع المتقهقر غير الواثق بدينه ونصاعته لا دفاع المتيقن الثابت.

المذاهب الفكرية المعاصرة

المذاهب الفكرية المعاصرة

http://www.dorar.net/enc/mazahib/35

المبحث الأول: معنى المذاهب الفكرية

المذاهب جمع مذهب وهو ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به سواء أكان ما يذهب إليه صوابا في نفس الأمر أو كان خطأ، ومعنى هذا أن المذاهب تختلف باختلاف مصادرها وباختلاف مفاهيم الناس لها من دينية وغير دينية وما يتبع ذلك من اختلاف في فنونها من فقهية أو لغوية أو رياضية أو علوم عقلية تجريبية أو فلسفات أو غير ذلك.
ويجب معرفة أنه لا يخلو إنسان أو مجتمع من مذهب يسير بموجبه مهما اختلفت الحضارة أو العقلية للشخص أو المجتمع.تمشيا مع سنة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميزه الله عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحب التنظيم والسيطرة على ما حوله وابتكار المناهج التي يسير عليها إلى آخر الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكر عن غيره من سكان هذه المعمورة
وقيل لها مذاهب فكرية:
نسبة إلى الفكر الذي تميز به الإنسان عن بقية المخلوقات التي تشاركه الوجود في الأرض، ويعرفه بأنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطاؤه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة سواء أكان صوابا أو خطأ.
وقد نسبت المذاهب إلى الفكر لأنها جاءت من ذلك المصدر وهو الفكر أي أنها لم تستند في وجودها على الوحي الإلهي أصلا أو استعانت به وبما توصل إليه الفكر من نتائج جاءته إما عن طريق الوحي أو التجارب أو أقوال من سبق أو أفعالهم، وقد تكون تلك النتائج صحيحة وقد تكون خاطئة في نفس الأمر.
وأما بالنسبة لاستنادها إلى الوحي فقد لا يكون ذلك بل ربما كانت تلك الأفكار محاربة له فتنسب إلى مؤسسيها فيقال الفكر الماركسي أو الفكر الفلسفي اليوناني أو الفكر الصوفي أو غير ذلك من الأفكار التي تنسب إما لشخصيات مؤسسيها أو لبلدانهم أو لاتجاهاتهم وغير ذلك. ومن هنا يتضح أنه إذا أطلق لفظ الفكر فإن المراد به هو ما يصدر عن العقل من شتى المفاهيم والمبتكرات الدينية أو الدنيوية.
ومن هنا سميت مذاهب فكرية نسبة إلى المذهب الذي تنسب إليه كل طائفة ونسبة كذلك إلى أفكارها التي تعتنقها مبتكرة لها أو مقلدة، وقد انتشرت في العالم أفكار عديدة باطلة سندرس إن شاء الله أهمها ونبين مفاهيم تلك الأفكار عند أهلها مع الإشارة في المقابل إلى الفكر الصحيح عند المسلمين وبيان معينه الفياض.


أسباب نشأة المذاهب الفكرية
المطلب الأول: نشأتها في الغرب

ليس في المذاهب الفكرية الضالة ما يغري العقلاء باعتناقها إلا أنه كما يقال: " لكل بضاعة سوق ولكل صائح صدى" وقبل أن نبدأ بذكر الأسباب لابد أن يعلم القارئ أن المذاهب الفكرية منشؤها وموطنها المضياف هو الغرب النصراني الذي تهيأ له ما لم يتهيأ لغيره من الدول من أسباب الاندفاع إلى الثورات العارمة على كل الأوضاع والمعتقدات نتيجة أحوال تعيسة أفرزتها أسباب مجتمعة أدت إلى ظهور مذاهب فكرية عديدة كما يظهر الطفح الجلدي على المريض. ومن تلك الأسباب ما هو ظاهر ومنه ما هو خفي.
أما الأسباب الخفية:
فقد تعود إلى أمور سياسية في أكثرها من حب السيطرة والتوسع وانتشار مواضع النفوذ وكذلك الرغبة في الانفلات من كل القيود التي كانت قائمة في ظل حكم رجال الدين النصراني ثم ملء الفراغ الذي أحس به الأوروبيون بعد إقصاء الدين ورجاله والرغبة في إشغال الناس بأي جديد في المعتقدات وخلط الأمور وربما توجد أسباب أخرى هي أهم من هذه الأمور تحتاج إلى بحث وتدقيق ووقت بعد التأكيد على أن أبرزها كان بسبب الرغبة في الانفلات من قبضة رجال الدين النصراني وخرافاتهم، وكذلك سوء الأحوال في الحياة الأوروبية المتمثلة في الحالة الاجتماعية والثقافية والدينية التي كان يعيش الأوروبيون في عهود سيطرة رجال الكنيسة من عداوات وتنافر ومن انتشار الجهل والخرافات الجاهلية ومن بعد عن الدين الصحيح، وكذلك اختلاط المفاهيم الفكرية الدينية النصرانية – الخرافية أساسا – وإظهارها بالمظهر الديني مما كان له الأثر البالغ في تشجيع أصحاب الآراء الثائرة على الدين النصراني على اختراع الآراء المضادة له وإلصاقها بالدين في البداية والتي نشأت في أشكال مذاهب ونظريات مختلفة بعد ذلك مقتدية بانحراف الديانة النصرانية من الأساس وقيامها على يد بولس اليهودي الوثني، الذي أقام النصرانية على مفاهيم بشرية وقوانين وضعية مملوءة بالتناقضات والخرافات التي كانت محل ازدراء أصحاب العقول الناضجة وتبرمهم منها سواء كانوا في الغرب أوفي الشرق بعد أن فقد النصارى إنجيل عيسى عليه السلام بعد رفعه على أنه لم يكن ظهور الخرافات وحدها هي التي أزعجت الأوروبيين بل كان لزوال طغيان رجال الكنيسة الحافز القوي لظهور مختلف الأفكار والمذاهب بعد الإطاحة بطغاة الكنيسة وتخلص الناس من قبضتهم الفولاذية، فإن كل شيء له رد فعل، فإن الأوروبيين وهم في مرحلة جديدة ماسة إلى كل الآراء لسد الفراغ ببديل عن الدين النصراني وتحقق بعد ذلك ما يقال من أن " لكل صائح صدى" فإنه بعد انفلات الناس عن قبضة الكنيسة وتحولهم إلى مارد جبار ما كان أحد يظهر رأيا إلا وجد من يستمع له ويأخذ به في البناء الجديد للحياة الأوروبية وأن يكون فيه إسهام في زيادة الابتعاد عن قبضة رجال الكنيسة وقد انضاف إلى تلك الأسباب أيضا ما قام به رجال الكنيسة قبل الإطاحة بهم من الوقوف بحزم وكبرياء أمام كل المفكرين من علماء الغرب والحكم عليهم بأنهم هراطقة يجب قتلهم لردتهم – كما يرى الجامدون رجال الكنيسة – فأي عالم كان يظهر رأيا جديدا في أي شيء في هذا الكون يخالف عقلية رجال الدين كان يعتبر قوله كفرا وردة فقامت المذابح لكل من كان يتصف بأنه حر أو مفكر وقتل الآلاف لأتفه الأسباب إلى أن تغلب الثائرون ومرغوا أنوف رجال الدين النصراني الخرافي في الوحل وقامت على أنقاضه مفاهيم ومذاهب شتى.
أما عصر سلطة الكنيسة هذا فسوف يتضح لك بعض حقائقه من خلال ما يلي بعد أن تعرف معنى الهرطقة.الهرطقة:
أساس التسمية في بداية إطلاقها هو بنز أطلقته الكنيسة على كل مخالف لهم في باطلهم للبطش به. ومعناها عندهم الكذب والفجور والخروج عن الدين والمراد بها الفتك بمن ينسبون إليه هذه التسمية ولاستباحة دمه " فرأي يراه عالم في الكون هرطقة، ومحاولة فهم الكتاب المقدس لرجل غير كنسي هرطقة، وانتقاد شيء يتصل بالكنيسة هرطقة، ومساعدة واحد من هؤلاء أو الرضا عن اتجاهه هرطقة... وهكذا". ولقد كان من ضحايا هذا البنز كثير من المفكرين منهم من أحرق حيا ومنهم من أحرقت كتبه ومنهم من سجن وعذب عذابا شديدا مثل:
1ـ " ويكلف" الذي نبش قبره وأحرقت جثته.
2ـ " جون هيس" عميد جامعة براج الذي أحرق حيا.
3ـ "لوثر كنج" وقد عانى الكثير منهم.
4ـ " كلفن".
ثم تتابع المفكرون إلى أن استطاعوا انتزاع سلطة الكنيسة وإخفات أصوات رجالها.
أما عصر سلطة الكنيسة:
فهذه السلطة برزت في القرون الوسطى حين كانت أوروبا تعاني من انتشار الجهل وسيطرة الخرافات بسبب سيطرة رجال الكنيسة وشدة قبضتهم على أتباعهم إذ كانوا بمثابة الدولة الطاغية فقرروا لأنفسهم صلاحيات لا حدود لها صلاحيات دينية وسياسية فوق ما يتصور العقل فلا حق إلا ما قرره البابا وأعضاؤه ولا باطل إلا ما أبطلوه ولا حلال ولا حرام إلا ما جاء عنهم، والويل كل الويل لمن حاول الخروج عن قبضتهم في أي ناحية دينية كانت أو دنيوية فإنه ينال عقابا لا هوادة فيه تحت بنزه بالهرطقة التي اخترعوها لتبرير جرائمهم بالمخالفين كما عرفت.
ومن الأمثلة على مظاهر ذلك الطغيان وعلى مدى صلاحيات رجال الدين في تلك الحقبة التاريخية ما يلي:
1ـ اختراعهم الأسماء التي يستحلون بها دماء مخالفيهم ومنها تسمية الهرطقة.
ولقد تسلط رجال الكنيسة على كال من حاول أي نوع من إصلاح مفاهيم الكنيسة الخاطئة ورموه بالهرطقة وكان من أولئك الرواد في مجابهة الكنيسة وكل ما يتعلق بها وكانوا ضحية هذا البنز من تقدم ذكر أسمائهم.
2ـ فرض هيمنة رجال الدين على كل شيء دنيوي أو أخروي فربطوا كل شيء بأيديهم فلا ينال ما عند الله إلا بإرضائهم وطاعتهم.
3ـ فرضوا على الناس احترام وطاعة رجال الدين طاعة عمياء قائمة على الذل والخضوع المطلق والاستسلام وعدم الاعتراض في أي أمر كان.
4ـ قرروا أنه لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى ملكوت الله إلا عن طريق واسطة وتلك الواسطة هم رجال الدين البابوات فهم و حدهم الذين فوضهم الله تعالى وعلى لسان المسيح – وقد كذبوا على الله عز وجل وعلى المسيح.
5ـ لم يجوزوا لأي شخص كان، مهما كان ذكاؤه وعلمه، أن يجرؤ على تفسير الكتاب المقدس إذا لم يكن من أعضاء مجلس البابا.
6ـ جعلوا من مراسيم العبادة المتقبلة عند الله والطريق إلى قبول التوبة الاعتراف بالخطأ أمام الكاهن الذي بيده محو وغفران الذنوب فور سرد المخطئ لأخطائه سرية أو جهرية وهو على كرسي الاعتراف الذي شبه دائرة المباحث العامة.
7- أنشأوا فكرة صكوك الغفران وجعلوها من أهم ما ينبغي أن يفكر فيه الشخص لمستقبل حياته الأخروية، وهي في حقيقتها حيلة لنهب أموال الناس بالباطل، ولولا أن الناس قد سلبوا حتى مجرد التفكير لما قبل أحد منهم هذه المهزلة ولكن الذي يعتقد بوجود ثلاثة آلهة من السهل أن يقبل كل مستحيل وقد عرفت أنهم احتكروا كل شيء من الأمور الدينية والدنيوية وجعلوها قصرا عليهم وبالتالي فليس على الإنسان إذا أراد السعادة في الدنيا والآخرة إلا أن يقدم الهدايا العينية والنقدية والأموال المفروضة عليه وغير المفروضة ويشتري صكوك الغفران بأي ثمن يكون ويتحبب إلى رجال الدين ويتودد إليهم وهم يتولون ما يهمه لمستقبل حياته في الآخرة أو إرضاء الله عنه حسب زعمهم بسبب الصلاحيات الممنوحة له من المسيح عليه السلام وحاشاه من أكاذيبهم.
8ـ فرضوا على الناس نظام السُخرة والعشور وذلك بأن يعملوا في الأرض التي تملكها الكنيسة يوما كل أسبوع بدون أجر وأن يدفعوا عشر أموالهم هبة لرجال الدين الذين أصبحوا يأكلون ولا يشبعون.
9ـ وقف رجال الدين ضد العلم وحقائقه النظرية والتجريبية موقفا عدائيا لأنه خارج عن نطاق الكتاب المقدس الذي أعطى البابوات صلاحية التدخل في كل أمور الحياة ونشأ عن هذا الموقف العداء المستحكم فيما بعد بين الدين الذي لا يعترف بالاختراعات التجريبية ويعتبرها هرطقة وبين العلم الذي شق طريقه وسط تلك الظلمات ونجح.
10ـ تبنت الكنيسة أفكارا ونظريات في علوم الجغرافيا والأحياء وغيرها وقدستها ولم تسمح لأحد بمخالفتها وحكمت على من خالفها بالكفر والإلحاد وإباحة دمه.
وكان من نتيجة تلك الصلاحيات والهيمنة الكهنوتية أن عاش رجال الدين. البابا وأعضاؤه، عيشة البذخ والتهتك والفجور فوق ما كان يعيشه الأباطرة والملوك وحينما قوي الفكر الحر لرجال العلم والتجارب كان لهؤلاء حسابا قاسيا مع رجال الدين، ابتلى الله الظالمين بعضهم ببعض سنة الله ولن تجد لسنة الله تحويلا.
ولقد تبرم بعض كبار أتباع الكنائس من طغيان رجال الكنيسة من أصغر رتبهم إلى أكبرها ومدى ما وصلوا إليه من جرائم واستهتار بالقيم والأخلاق وبذخ لا حد له وحتى تكون الشهادة منهم على حد قوله تعالى: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا [يوسف:26] فقد قالت عنهم "كاترين السينائية " كما ينقل عنها "ول ديروانت ": "إنك أينما وليت وجهك سواء نحو القساوسة أو الأساقفة أو غيرهم من رجال الدين أو الطوائف الدينية المختلفة أو الأحبار من الطبقات الدنيا أو العليا سواء كانوا صغارا في السن أو كبارا لم تر إلا شرا ورذيلة تزكم أنفك ورائحة الخطايا الآدمية البشعة إنهم كلهم ضيقو العقل شرهون.. تخلوا عن رعاية الأرواح.. اتخذوا بطونهم آلهة لهم يأكلون ويشربون في الولائم الصاخبة حيث يتمرغون في الأقذار ويقضون حياتهم في الفسق والفجور".
كما يصفهم "ماستيشو" بأنهم: " خدم الشيطان منغمسون في الفسق واللواط والشره وبيع الوظائف الدينية والخروج عن الدين ويقر بأنه وجد رجال الجيش أرقى خلقا من رجال الدين".وبعد أن ذكر " ديوارانت " ما سبق ذكر كذلك أن سجلات الأديرة احتوت على عشرين مجلدا من المحاكمات بسبب الاتصال الجنسي بين الرهبان والراهبات"
11ـ أنشؤوا محاكم التفتيش:
ومحاكم التفتيش أسوأ وصمة عار ارتكبها رجال الدين في حق العلم التجريبي والفكر الحر والناس عموما، فلقد كان الجهل والغباء والعناد سمة عقول الباباوات وأعضاء مجالسهم ينظرون إلى كل جديد بعين الريبة والتخوف على مراكزهم الدينية أن تذهب بها فكرة أو حركة أدراج الرياح ليقينهم بأنها قائمة على شفا جرف هار لذلك طلب الراهب " ثور كماندا" إنشاء التفتيش لمقاومة العلم والفكر الحر والنظريات العلمية وكل من يخالفهم، فتم ذلك الكابوس فعاش رجال الفكر في خوف شديد ولم يجرؤ الكثير منهم أن يعلن نظرياته واكتشافاته خوفا من سلطة الكنيسة التي كانت لا ترحم أحدا خالف ما قررته.ولقد كانت تلك المحاكم سيفا مسلطا على رقاب أصحاب الفكر وعلى المسلمين بعد ذلك بخصوصهم فحكمت في المدة من عام 1481م – 1499م أي في حدود ثمانية عشر عاما على عشرة آلاف ومئتين وعشرين شخصا بأن يحرقوا وهم أحياء فأحرقوا وعلى ستة آلاف وثمانية وستين بالشنق فشنقوا وعلى سبعة وتسعين ألفا وثلاثة وعشرين شخصا بعقوبات مختلفة فنفذت "
وكان أبرز العلماء الذين حاكمتهم الكنيسة في العصور الوسطى " جاليليو" الذي قال "بدوران الأرض حول الشمس" وقال كذلك "بأن السماء أكثر من سبعة كواكب " مخالفا ما جاء في رؤيا يوحنا في سفره الذي اضطره البابا " أريان الثامن" إلى أن يجثو على ركبتيه وهوفي السبعين من عمره وأن يعلن عن رجوعه عن آرائه وأنها هرطقة.وصفة اعترافه هكذا " أنا غليليوفي السبعين من عمري سجين جاث على ركبتيه وبحضور فخامتك وأمامي الكتاب المقدس الذي ألمسه الآن بيدي أعلن أني لا أشايع بل ألعن وأحتقر خطأ القول وهرطقة الاعتقاد أن الأرض تدور" ومثله " بافون" الذي أعلن عن رجوعه عن رأيه في تكوين الأرض مما يخالف ما جاء في قصة موسى. وصفة رجوعه " أعلن إقلاعي عن كل ما جاء في كتابي خاصا بتكوين الأرض" وحمله عن كل ما جاء به مخالفا لقصة موسى
وكذا " جيورد أنو برونو" الذي أحرقته الكنيسة حيا وذرته في الرياح و" شيكو داسكولي" الذي كان له شهرة في علم الفلك بجامعة كولولينا الذي أحرقته الكنيسة حيا في لفورنسا، و" دي رومينس" الذي قال إن قوس قزح ليس ميثاقا بين الله وبين خلقه وليس قوسا حربية بيد الله ينتقم بها من عباده إذا شاء كما قرره الكتاب المقدس بل هو من انعكاس ضوء الشمس في نقط الماء. فجلب إلى روما وحبس حتى مات ثم حوكمت جثته وكتبه وحكم عليها وألقيت في النار. وهذه الأهمية لقوس قزح إشارة لما جاء في خرافات الكتاب المقدس من أنه علامة لله يتذكر به أهل الأرض فلا يجعل المطر عليهم طوفانا يغرقهم به كما أفادته النصوص الآتية من سفر التكوين.وكلم الله نوحا وبنيه معه قائلا: "وها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم. ومع كل ذوات الأنفس الحية التي معكم. الطيور والبهائم وكل وحوش الأرض التي معكم من جميع الخارجين من الفلك أيضا بحياة الطوفان ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الأرض وقال الله هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم وبين كل ذوات الأنفس الحية التي معكم إلى أجيال الدهر وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض فيكون متى أنشر سحابا على الأرض وتظهر القوس في السحاب إني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد فلا تكون أيضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقا أبديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الأرض" وقال الله لنوح "هذه علامة الميثاق الذي أنا أقمته بيني وبين كل ذي جسد على الأرض" ومن المفكرين الذين شملهم عقاب رجال الدين" لينيوس" الذي استطاع بتحليله للماء أن يعرف سبب احمراره وأنه يرجع إلى تكاثر نوع من الجينات فيه. ولكن حينما علم بذلك رجال الكنيسة ثاروا عليه وناصبوه العداء لأن التعليل عندهم لذلك هو أن ذلك خارقة من الخوارق الربانية، تحدث عند غضب الله تعالى وقد اضطر " لينيوس" إلى التراجع خوفا من رجال الكنيسة
ومنهم " كوبرنيوكس" الذي كانت له آراء فكرية تخالف ما عليه الجامدون من رجال الكنيسة الذي أفلته الموت من قبضتهم ولكنهم لعنوه وهوفي قبره وصادروا كتبه وأحرقوها وحرموا قراءتها.ومنهم " نيوتن" الذي تبنى القول بقانون الجاذبية فقد عوقب من قبل الكنيسة لأن هذا القول معناه من وجهة نظر الكنيسة انتزاع قوة التأثير من الله عز وجل إلى قوى مادية
ومنهم " بلاج" الذي أظهر رأيه في أن الموت كان موجودا قبل آدم عليه السلام وقامت لذلك ضوضاء وجلبة وانتهى الأمر بصدور أمر إمبراطوري بقتل كل شخص يعتقد ذلك ولعل السبب في هذا الحكم هو اعتقادهم أن الموت إنما وجد من أجل خطيئة آدم فوجوده قبل آدم يعتبر أمرا لا مبرر له وعبثا وأن الخطيئة كانت موجودة قبل آدم.
وغير هؤلاء كثيرون لقوا مصارعهم قتلا وحرقا وشنقا وسجنا مؤبدا إلى الموت بسبب ما كانوا يعلنونه من اكتشافات أو آراء علمية قابلة للتجربة والبحث يستحق صاحبها المكافأة إن كانت صادقة أو عدم الاهتمام بها إذا كانت غير صحيحة لكن حكم الكنيسة يختلف.
ولهذا فقد شُلت الحركة الفكرية في أوروبا زمنا طويلا إلى أن جاء القرن الخامس عشر وبدأ المفكرون ينفضون عن الناس غبار جاهلية البابوات وطغيانهم فنادى " مارتن لوثر" بحركته لإصلاح الكنيسة سنة 1483م- 1546م واعتبر صكوك الغفران من وسائل الذل والعبودية التي يجب أن تنتهي ثم جاء بعده كالفن سنة 1509م – 1564م على نفس الاتجاه ورغم أن حركة لوثر ومن سار على طريقته غيرت كثيرا من المفاهيم الخاطئة واعتبرت العقل مصدرا من مصادر الفهم أيضا إلا أنه يلاحظ أن تلك الحركات لم تتحرر من تعاليم الكتاب المقدس بل جعلته مصدر الحقيقة فيما يتصل بالإيمان وله الكلمة الأخيرة ولو خرجوا عن هذا لكانوا على جانب من الإصلاح والتحرر من الخرافات.
ومن أسباب قيام المذاهب الفكرية في الغرب ما أحس به الأوروبيون من التخلف الذي كانوا يعيشونه والغبن الفاحش الذي كانوا يعاملون به وقد كان من الأسباب التي أيقظتهم على هذا الواقع المؤلم هو اتصال الغربيين عن طريق طلب العلم في البلدان الإسلامية واحتكاكهم كذلك بالمسلمين عن طريق التجارة أو غير ذلك من الأسباب التي جعلتهم يطلعون على الأوضاع تحت ظل الإسلام والأوضاع التي يعيشونها في ظل حكامهم ورجال دينهم.
ومنها ما قام به مفكرو الغرب من نبش الحضارات القديمة وإحياء الفلسفات اليونانية والاستفادة منها لقيام نظريات ومفاهيم سموها جديدة لإغراء الناس بها كالديمقراطية والعلمانية الرأسمالية وغيرها من الأفكار التي أرادوا أن يسدوا بها فراغ بعدهم عن الكنيسة.
ومنها مكائد اليهود وحبكهم المؤامرات لإثارة الفتن في عامة العالم الغربي لتغيير كل المفاهيم السائدة في ذلك الوقت وتحطيم كل ما كان معاديا لليهود والانتصاف من كل من أسهم بأي نوع من الأذى لليهود حتى تم لهم ما كانوا يخططون له فقامت الثورات التي تسفك فيها الدماء والثورات التي يداس فيها الدين وتداس الأخلاق وجميع النظم المخالفة لليهود.
وواقع الغرب اليوم أقوى شاهد على هذا.
وإذا كان ما تقدم يدل على أسباب انتشار المذاهب الفكرية في أوروبا فما هي أسباب انتشارها في العالم الإسلامي.


المطلب الثاني: أسباب انتشار المذاهب الفكرية في العالم الإسلامي
عرفت مما سبق أنه إذا كان للغرب من وجهة نظرهم ما يبرر قيامهم بالثورات على الدين – والمقصود به الدين النصراني الوثني الخرافي بطبيعة الحال – ولهم ما يبرر قيامهم بالثورات على رجال ذلك الدين ولهم كذلك ما يبرر نشوء مختلف المذاهب الفكرية بينهم إذا كان لأولئك مبررات في كل ذلك سواء أكانت مبررات مقبولة أو غير مقبولة فما هو المبرر لقيام تلك الأفكار والمذاهب في بلدان من أغناهم الله بالإسلام وأعزهم به في الدنيا والآخرة وشهد له إعلام الغرب من الموافقين ومن الحاقدين بأنه خير دين ينظم الحياة كلها وأن تعاليمه ونظمه فيها السعادة وحل كل المشكلات بطرق لن يهتدي إلى مثل عدالتها أحد من البشر؟!!
إنه لأمر غريب أن يتطفل أحد من المسلمين على موائد الغرب الآسنة ليبحث فيها عن النجاة والسعادة في الوقت الذي يرى بأم عينيه ما يعانيه الغرب من الشقاء والحرمان والحياة اليائسة.
أَفَحُكمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا [النساء:139]
نعم إنه لا مبرر لقيام تلك المذاهب في ديار المسلمين ولكن قد حصل ذلك شئنا أم أبينا فما هي أسباب ذلك؟ إن أعظم أسباب تأثر بعض المسلمين بما عند أعداء الإسلام إنما يعود إلى:
1ـ جهل هؤلاء بدينهم وما يحويه من مفاخر وما يحويه من شمولية كاملة حيث شهد الله تعالى له بهذا في كتابه الكريم بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:3] فمن رد هذه الشهادة فلا شك في جهله وكفره وخروجه عن ربقة الإسلام وجماعة المسلمين وأنت تعلم أن هذا الجهل من هؤلاء يعود إلى أسباب كثيرة إما لتفريطهم وإهمالهم وإما لتربيتهم وإما لاختلاطهم وإما لغير ذلك من الأسباب الكثيرة.
2ـ جهلهم بحقيقة ما تحمله تلك المذاهب الضالة من بؤس وشقاء وأنهم تأثروا بها دون معرفة لحقيقتها المخزية وما تحمله من دمار أخلاقي واقتصادي واجتماعي وديني وكل شيء يمت إلى الطريق الحق والصراط المستقيم فأصبح حالهم تنطبق عليه هذه المقالة "حبك الشيء يعمي ويصم" ولا يمنع أن هؤلاء عملاء مأجورين أيضا ما أكثر أولئك الذين باعوا دينهم وضمائرهم.
3- من الأسباب أيضا رغبة هؤلاء في الانفلات والتحلل من كل القيم والأخلاق والعادات الحسنة والفضائل ورغبتهم في العيش على الطريقة الغربية يعيشون كما تعيش البهائم ويأكلون كما تأكل الأنعام دون أن يقف في طريقهم أي مانع شرعي أو عرفي.
4ـ نشاط أعداء الإسلام وقوة عزمهم على إفساد عقائد المسلمين وإخراجهم من دينهم بأنواع الدعايات والمغريات.
5ـ بذل المساعدات المالية وتحبيب الحياة الغربية إلى قلوب المسلمين وتنفيرهم من حياتهم الإسلامية وبث الدعايات ضد الإسلام وحكام المسلمين وعلماء الإسلام قاطبة فقد صوروا لهم الإسلام أنه هو الواقف حجر عثرة في طريق تقدم المسلمين ونهوضهم ووصولهم إلى صنع الطائرات والصواريخ و... إلخ وصوروا لهم علماء الإسلام أنهم متخلفون وجامدون إلى غير ذلك من أنواع الدعايات الخبيثة التي سرت في عروق كثير من جهال المسلمين.
6ـ تأخر بعض بلدان المسلمين في مناهجهم التعليمية حيث أقصيت كل الدراسات – إلا القليل - التي تبصر المسلم بما يبيته له الغرب على أيدي عملائه من المنصرين والمستشرقين ومن وافقهم ممن يدعي العروبة أو الإسلام.
7ـ الضعف النفسي الذي أصاب المسلمين وانبهارهم ببريق الحضارة الغربية ورغبة المغلوب في تقليد الغالب ومحاكاته لجبر ما يحس به من ضعف الشخصية أمامه.
8ـ الضغوط الشديدة التي يتعرض لها ضعفة المسلمين باستمرار في أكثر من بلد إسلامي وإملاء الكفار لأفكارهم على تلك الشعوب لتقبلها راغبة أو راهبة وغير ذلك من الأسباب الكثيرة التي تضافرت لتهز من كان في قلبه مرض هزا عنيفا. ولكننا على يقين أن الحق سيبقى وأتباعه سيبقون إلى نهاية هذا الكون بإخبار الصادق المصدوق صل الله عليه وسلم بذلك.